موضوعات قصائدهم أساطير ومأثورات تاريخية. ولغتهم كذلك أكثر ميلا إلى النثر، والعبارة قد تستغرق بيتين أو ثلاثة. ويعتبر رجال "المدينة" أحسن هؤلاء. وكان اليهود والمسيحيون كلاهما شعراء ولكن لا يمكن فى كثير من الأحيان تمييز أشعارهم من أشعار الجاهليين، وكانت قصور شتى الأمراء العرب -والحيرة بخاصة- مراكز نشاط شعرى. فهناك كان يأتى البدويون وكذلك كانوا يلتقون فى مختلف الأسواق حيث كانوا يتبارون فى الشعر.
وقد حُفظ الشعر البدوى بالرواية الشفوية. كان الشاعر يلقى أشعاره، وكان يتبعه راو محترف يحفظها ويرويها. وكثير من الشعراء بدأ راوية لشاعر آخر. وهذا يثير مسألة الأصالة فى الشعر العربى، والمفروض على وجه العموم أنه لم يدون حتى سنة مائة من الهجرة. وإن الضعف الطبيعى للذاكرة الإنسانية، والكتابة العربية بما لها من خصائص ليجعلان حدوث تغييرات كبيرة أمرًا راجح الحدوث فى ذلك الوقت. وساعد على ذلك نقص الترابط فى داخل القصيدة. وكثيرا ما توجد عدة روايات لبيت من قصيدة. ويستحيل علينا أن نذكر أيها هو الأصل. ولا يمكننا أن نتأكد من أن لفظا من ألفاظ القصيدة هو الأصل، وكل ما نستطيع أن نقوله إن اللغويين الذين جمعوا بقايا أدب ما قبل الإسلام خلال القرن الثانى قرأوا النص على هذا الوجه أو ذاك. ونحن نعرف أيضًا أنه هناك على الأقل شئ من التزييف. والخلاصة أن أغلب القصائد غير مزيف أو على الأقل قديم، وإن كان لا يمكن أن نبرهن على ذلك برهنة قاطعة بالنسبة لأى قصيدة (وقد تناقش العلماء حديثا فى أن الكتابة كانت أكثر انتشارا عما كان معتقدا. وأن الشعراء كانوا على دراية بفن الكتابة. وأن بعض الروايات المتغايرة لا يمكن تفسير وجودها إلا بافتراض وجود نسخ مكتوبة) وقليل من الصيغ اللهجية ظل باقيا ولكن معظم الشعراء استعملوا لغة واحدة فى