شتى أرجاء شبه الجزيرة. ويمكن أن تعزى الثروة اللفظية فى لغة الشعر إلى دخول كلمات إليها من اللهجات الكثيرة، وإن كان قد نسى الآن مصدرها، وهناك بعض الدلائل على أن لغة الحياة اليومية كانت تسقط الإعراب المستعمل فى الشعر؛ وكانت قد بدأت سلسلة التغيرات التى أنتجت العاميات التى نجدها اليوم. وحين بدأ العلماء يهتمون بالشعر لذاته جمعوا بقاياه فى دواوين للأفراد أو للقبائل أو فى مختارات حوى بعضها قصائد كاملة، وحوى بعضها الآخر أجزاء من قصائد.
وقد أحدث الإسلام تغييرا كبيرا، يعزى نوعا ما إلى الدين، ولكنه يعزى أساسا إلى تغير الظروف وانتقال مركز الأهمية، وحياة الصحراء لم تعد لها نفس الجاذبية. ويكاد يكون مستحيلا على إنسان لم يعش حياة الصحراء أن يقدر شعرها. واحتفظ بعض الشعراء بالتقليد القديم، فيختم القصيدة بمدح الخليفة أو أحد العظماء الذين ترجى رعايتهم؛ وبعضهم أبقى على المطلع الغزلى ومضى منه مباشرة إلى الغرض المطلوب. وآخرون خالفوا التقليد ونظموا قطعة تعالج موضوعا واحدًا، قد يكون غزلا، أو دينا، أو فلسفة. ولنا أن نعجب بما عند بعض الشعراء المتأخرين من مهارة لفظية تملأ مجلدا بمديح مبالغ فيه، يصل أحيانا إلى حد تأليه الممدوح، قلما يكون فيه تكرار، ولكن الخواء المطلق والفقر فى الأفكار كان صارخا. وقاعدة أن القصيدة الواحدة تنظم على وزن واحد لا زالت مرعية، ولم يستحدث نمط جديد. وتوجد قصيدة صوفية تتضمن ما يربو على سبعمائة بيت على وزن واحد. وتطلب حدوث هذه التغيرات بضع قرون.
وكان تجديد آخر أن بحر الرجز الذى كان مستخفا به، استعمل فى القصائد الطويلة؛ فاستغل الشعراء كل براعتهم فى تناول الألفاظ ليحققوا البساطة التى لهذا البحر، والنتيجة أنهم كانوا فى كثير من الأحيان غير واضحين ويروى أن جارية فى عصر