للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أثناء حياته. روت عائشة رضى اللَّه عنها أنه كلما كانت ليلتها كان عليه الصلاة والسلام يخرج من آخر الليل رويدًا ويذهب إلى بقيع الفرقد ويستغفر لأهله (مسلم، كتاب الجنائز، حديث رقم ١٠٢؛ انظر الترمذى، كتاب الجنائز، باب ٥٩) (١). ويذكر أيضا استغفاره فى صلاة الجنائز (انظر مثلا مسند ابن حنبل جـ ٤، ص ١٧٠) كما يُؤَكَّد أثر هذا الاستغفار (المصدر نفسه، ص ٣٨٨). ثم صار الاستغفار أو هو بقى ركنا من هذه الصلاة (انظر مثلا كتاب التنبيه لأبى إسحاق الشيرازى طبعة T.W.A Juynboll ص ٤٨) ويُجَعل له شأن كبير. فقد جاء فى مسلم (كتاب الجنائز، حديث رقم ٥٨): "ما من ميت يصلى عليه أمةٌ من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه" وعند ابن حنبل (جـ ٤، ص ٧٩ و ١٠٠): "ما من مؤمن يموت فيصلى عليه أمة من المسلمين بلغوا أن يكونوا ثلاثة صفوف إلا غفر له" (٢).

وتوصف شفاعة محمد عليه الصلاة والسلام يوم الحساب فى حديث يروى كثيرًا (مثلا: البخارى، كتاب التوحيد، باب ١٩؛ مسلم: كتاب الإيمان، حديث ٣٢٢، ٣٢٦ - ٣٢٩ الترمذى، كتاب التفسير س ١٧، حديث ١٩؛ ابن حنبل، جـ ١، ص ٤). وهذه خلاصته: فى اليوم الآخر يحشر اللَّه الخلق، ومن هول الموقف وطول الوقوف يستشفعون إلى اللَّه ليريحهم، فيأتون آدم ويطلبون منه أن يشفع لهم، فيذكر لهم خطيئته فى الأكل من الشجرة وقد نُهى عنه، ويقول لهم: اذهبوا إلى نوح، فيذهبون إليه فيذكر لهم خطيئته فى سؤال ربه بغير علم ويقول لهم: اذهبوا إلى إبراهيم، فيذهبون إليه فيذكر لهم أنه كذب ثلاث كذبات ويقول لهم ائتوا موسى، فيذهبون إليه فيذكر لهم خطيئته بقتل النفس ويقول لهم اذهبوا إلى عيسى،


(١) إنه وإن كان استغفار النبى عليه الصلاة والسلام لأهل بقيع الفرقد مما يدخل فى باب العفو عن الذنب وإسقاط العذاب فإنه ليس شفاعة بالمعنى الأخروى.
(٢) يقول كاتب المقال: عند ابن حنبل ينخفض العدد إلى ثلاثة صفوف، فكيف عرف أن ما فى ثلاثة صفوف أقل من مائة.