وقد ستر النبى عليه الصلاة والسلام الباب عندما فتحه (اليعقوبى: التاريخ، طبعة هوتسما، جـ ٢، ص ٦١). ويدخل الزعيم، جريا على سنة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، وحده أو يصحبه اثنان أو ثلاثة من أتباعه، ويؤدى الركعتين، ثم يفتح الباب للناس وينظم دخولهم، وكان الحجاج الفرس والأندلسيون وغيرهم من مختلف الأقطار يزورون الكعبة، وقد لاحظوا جميعا تلك الكرامة التى تجعل هذا البناء الصغير جدا (*) يأوى هذا العدد الكبير من المؤمنين فى وقت واحد. وقد أحصى ناصر خسرو سبعمائة وعشرين حاجا بين جنباته سواه. واهتم ابن جبير اهتماما خاصا بالكعبة وحجبتها، وكان هناك عندما استقبل سيف الإسلام طغتكين أخو صلاح الدين (ابن جبير، ص ١٤٦، ١٤٧)، إذ دخل المسجد يحف به الجلال وعلى يساره زعيم الشيبيين، وكان رأس من يطوفون به الزعيم محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن (ص ٨١)، وهو يروى لنا أنه حدث أثناء إقامته هناك أن قبض مكثر أمير مكة على الزعيم محمد واتهمه بأنه بلغ من الخسة مبلغا لا يليق بسادن البيت الشريف وصادر أمواله وأقام مكانه أحد أبناء عمومته الذى سرى بين الناس أنه متهم بهذه الرذائل نفسها، وقد رأى ابن جبير بعد حين الزعيم محمدا يعود إلى منصبه بعد أن دفع للأمير خمسمائة دينار، ويسير مزهوا امام باب الكعبة (ص ١٦٣، ١٦٤، ١٦٦، ١٧٦). ولا يدل هذا على أنه كان ثمة أية قاعدة ثابتة تنظم العلاقات بين الأمير وبنى شيبة وقد بعث بنو شيبة فى عهد المتوكل (٨٤٧ - ٨٦١ م) رسلا من قبلهم إلى الخليفة فى بغداد ليعارضوا المقترحات التى تقدم بها والى مكة مثبتين حقهم فى تقرير الأعمال الواجب النهوض بها فى الكعبة؛ وكان الأمر يقتضى من القائم بهذه الأعمال الموفد من قبل الخليفة ألا يلجأ
(*) لقد حدثت توسعات كبيرة للحرم حول الكعبة الذى أصبح مؤخرا يتسع لملايين الحجاج ولا زالت السلطات السعودية تبذل الكثير فى هذا الشأن. المحرر