لا تزودنا فى هذا الشأن إلا بمعلومات قليلة. وهكذا نجد أن مجموعة التراجم المعروفة بالشقائق النعمانية (كتبت فى عهد سليمان الأول) قد صنفت معبرة عن وجهة نظر أهل السنة فحسب، على أنه يتبين لنا منها بأجلى بيان أن معظم الفقهاء القدامى فى البلاد العثمانية قد درسوا فى مصر أو فى فارس وتلقوا العلم على شيوخ من العرب أو الفرس. وكان بعض من تولوا الإفتاء فى الآستانة من الأجانب مثل فخر الدين العجمى (تولى الإفتاء من سنة ١٤٣٠ - ١٤٦٠ م) وعلاء الدين العربى. وتجعل الروايات المتأخرة الشيخ إده بالى حما عثمان أول مفت تولى الإفتاء فى البلاد العثمانية (علميه سالنامه سى، ص ٣١٥)؛ وهى تزعم أيضا أن مفتى الأنام قد تعين فى عهد مبكر يرجع إلى أيام مراد الثانى وعقدت له الرياسة على جميع المفتين الآخرين (سجل عثمانى، جـ ١، ص ٦)، وأن محمدًا الثانى بعد فتح القسطنطينية قد خلع اللقب الرسمى: شيخ الإسلام على مفتى القصبة الجديدة: خضر بك على، وجعل له فى الوقت نفسه الرياسة على قاضيى العسكر (d'Ohssnn von Hammer)، ولكن ليس بين أيدينا أى شئ يدل على أن المفتى كان قد غدا شخصا له شأن كبير فى تلك الأيام. وفى رواية الشقائق النعمانية أن خضر بك هذا، لم يكن إلا قاضى إستانبول فحسب، على حين كان فخر الدين العجمى هو المفتى (الشقائق، ص ١١١، ٨١). وإذا كنا نجد من بعد أن المترجم لشيوخ الإسلام فى كتاب "دوحة المشايخ" يبدأ تراجمه بالمفتى محمد شمس الدين الفنارى المتوفى سنة ١٤٣٠ م فإنما فعل ذلك فيما يظهر جريا على ما قضى به العرف فحسب. ولم يبدأ نفوذ مفتى إستانبول العظيم يظهر إلا على أيام سليم الأول فى الأربع والعشرين السنة التى تولى فيها هذا المنصب المفتى المشهور زمبللى على جمالى أفندى وفى عهد زمبللى (تولى منصب المفتى من سنة ١٥٠١ إلى ١٥٢٥ م) كان قاضيا العسكر لا يزالان لهما السبق عليه لأنهما كانا يجلسان فى الديوان السلطانى، أما المفتى فكان لا يجلس فيه (الشقائق، ص ٣٠٥)، على أننا نجد خبرا يقول: إن جمالى أفندى هذا