رفض أن يقبل من السلطان سليمان الأول ما عرضه عليه من تولى منصبى قاضيى العسكر مجتمعين (الشقائق، ص ٣٠٧). والظاهر أن مفتى إستانبول لم يكتسب السلطان على جميع علماء الدولة العثمانية لا ينازعه منازع إلا فى عهد سليمان، ويدخل فى ذلك جميع القضاة على اختلاف درجاتهم. وكان هذا المفتى فى قول دوسون وفون هامر هو جوى زاده محيى الدين أفندى على أنه لا مناص لنا من أن نلاحظ أن جوى كان أيضا أول مفت صرفه السلطان عن منصبه (فى سنة ١٥٤١ م).
وكان ارتفاع شأن مفتى إستانبول على أية حال أمرًا متعلقًا بشخصه لا تفرضه إرادة السلاطين السامية، ويتجلى ذلك فى اتخاذه من تلقاء نفسه لقب شيخ الإسلام الذى كان يحمله فى هذا العهد كثير من المفتين ونستطيع أن نبحث عن تفسير لهذا التطور فى عدة نواح. فمن ناحية نجد ذلك الفرض الخلاب الذى قال به ديمومبين Gau-defroy-Demombynes, فهو يرى تشابها عجيبا بين منصب مفتى إستانبول وبين الخليفة العباسى فى بلاط سلاطين المماليك قبل أن يفتح الترك مصر (La Syrie، باريس ١٩٢٣ , ص ٢٢) ومن ناحية أخرى نجد أن تنظيم علماء الدولة العثمانية تحت رياسة شيخ من رجال الدين قد يكون متأثرا من وجه بطبقات رجال الدين النصارى فى الامبراطورية البوزنطية يرأسهم بطرق يشرف على شئون النصارى جميعا، ثم أننا قد نرى فى منصب شيخ الإسلام بقية من السنة الصوفية الدينية القديمة فى الدولة العثمانية، وهى سنة كانت تقتضى أن يقوم إلى جانب السلطة الزمنية، سلطة دينية ليس لها سلطان قضائى، ولكنها تمثل ما نستطيع أن نسميه الضمير الدينى للناس.
وهذا الفرض الأخير قد يفسر لنا ثبات منصب شيع الإسلام على مدى القرون التى تلت ذلك على الرغم من أن السلطان كان من سلطته أن يصرف صاحب اللقب عن منصبه، وهى سلطة لجأ إليها السلاطين كثيرًا. وقد بلغ الأمر بالسلطان عثمان الثانى (١٦١٨ - ١٦٢٢ م) أن حرم المفتى جميع امتيازاته