من قبل لأغا الإنكشارية. وكانت تقوم فى هذا الديوان الذى سمى من ثم:"شيخ الإسلام قابيسى أو باب فتوى" إدارات مصلحته حتى ألغى هذا المنصب. وكانت هذه المصلحة تتولى إدارة وتصريف أمور جميع الهيئات التى قوامها الدين إلا إدارة الأوقاف. وهكذا أصبح شيخ الإسلام زميل رؤساء سائر المصالح التى أنشئت فى غضون القرن التاسع عشر، وغدا وزيرا فى الوزارة يبقى فى منصبه ما دامت الوزارة التى هو عضو فيها باقية فى الحكم؛ وكذلك احتفظ شيخ الإسلام بالسبق على سائر الوزراء، وقد نص على ذلك فى المادة ٢٧ من دستور مدحت باشا الذى صدر سنة ١٨٧٦، وورد فى أحكامه أن السلطان هو الذى يختار الصدر الأعظم وشيخ الإسلام بنفسه، أما سائر الوزراء فيعينهم الصدر الأعظم. وكان الصدر الأعظم وشيخ الإسلام، منذ عهد مبكر يرجع إلى القرن الثامن عشر، هما الوحيدان من عمال الدولة اللذين يتقلدان منصبيهما فى حضرة السلطان.
وكان نفوذ شيخ الإسلام يضمحل كلما أمعنت الدولة العثمانية فى إسباغ الطابع الدنيوى على نظام الإدارة فيها. فلما أنشئ مجلس الشورى (شوراى دولت) سنة ١٨٣٩ حرم شيخ الإسلام الشئ الكثير من سلطانه على شئون السياسة الداخلية، وكذلك جوده إنشاء محاكم مدنية وجنائية جديدة يشرف عليها وزير عدل جديد (عدلية نظارتى) قدرًا آخر من هذا السلطان. وقد اتخذت سلسلة من الإجراءات التشريعية حددت اختصاص القضاء بما يتفق مع قيام محاكم الشريعة والمحاكم النظامية. وكان هذا التطور جزءًا بارزًا من الإصلاحات الدينية التى استحدثها رجال تركية الفتاة (انظر مثلا قصيدة "شيخت" لضياكوك ألب، ص ٦٢ من Aus der Religibsen Reformbewegung in der Turkei بقلم Dr. A. Fischer ليبسك ١٩٢٢) وبلغ غايته المحتومة حين نقلت حكومة حزب تركية الفتاة سنة ١٩١٩ تبعية المحاكم الشرعية جميعا إلى وزارة العدل، كما نقلت تبعية المدارس إلى وزارة المعارف؛ وقد كان المبرر لهذه الخطوة هو التمشى مع القانون العام الحديث فقد أعلن أن الغرض من ذلك هو تجنب الأخطاء التى ارتكبت فى عهد