للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا استقبلت وجه أبى حسين ... رأيت البدر راق الناظرينا

فقد علمت قريش حيث كانت ... بأنك خيرهم حسبًا ودينا

فقد كان موقف أبى الأسود من علىّ ذا صبغة دينية (١)، وهو يسميه بحسب الأحاديث المتعلقة بالموضوع والتى كانت معروفة له، بقوله: "مولانا" و"وصيّنا". وكثيرا ما نصادف عبارات مثل: "إنى أرجو اللَّه والدار الآخرة بحبى لعلىّ، وكان كثّير الشاعر المتوفى سنة ١٠٥ هـ (٧٢٣ م) ينتظر رجعة محمد بن الحنفية. وكان الكميت المتوفى سنة ١٢٦ هـ (٧٤٣ م) يتغنى بالنور الذى انتقل بوساطة محمد من آدم إلى أهل البيت.

وفى العصر العباسى جاءت خيبة الآمال السياسية، فزادت فى ذلك الحب الدينى، وأفرد له السيد الحميرى قصائده. وكذلك إذا رأينا دعبلا "شاعر أهل البيت" يهجم هجوما لا تحفظ فيه على بيت الأمراء الذى يرث فيه الخلافة فاسق عن فاسق، فإنه يمكن تعليل هذا الهجوم بإيمان دعبل بحق على الرضا فى الإمامة دون غيره فى ذلك العصر؛ ودعبل فى قصيدة له فى مقتل الحسين الذى كثيرا ما قيلت فيه القصائد قبل ذلك ينتظر "القائم" فيقول:

فلولا الذى أرجوه فى اليوم أو غد ... لقطع قلبى إثرهم حسراتى

خروج إمام لا محالة خارج ... يقوم على اسم اللَّه والبركات

على أنه حتى فى الميدان السياسى لم تكن القيادة فى الغالب للعلويين أنفسهم، فقد كان أتباعهم هم الذين يستحثونهم، كما حدث للحسين ولزيد ابن على، أو هم قد استغلوهم لأغراض سياسية، كما حدث لمحمد بن الحنفية على يد المختار؛ ولمحمد بن طباطبا؛ ومحمد بن محمد بن زيد على يد أبى السرايا. وكذلك كانت الحال فى الميدان الدينى. فقد كان مع كل علوى بارز قومٌ متعصبون. ولنذكر ممن كان حول على


(١) يقصد كاتب المقال أن أبا الأسود كان يقدس عليا رضى اللَّه عنه، لكن هذا لا يؤخذ من البيتين اللذين يذكرهما. (المترجم)