فيها غيره من المؤمنين، وإن كانت حياته أغلى من حياتهم، بل إنه فى نظرهم يبطل معنى الموت بالنسبة للإمام، وذلك بسبب فكرة الرجعة، أعنى الإيمان بأن الخليفة قد غاب وأنه سيرجع، فالإمام يصبح هو المهدى المنتظر. ولا يتمسك الكثيرون بالناحية الدنيوية للإمام بل يرون أن الجانب الإلهى فيه ينتقل إلى الإمام الذى يأتى بعده، وذلك على سبيل الاعتقاد بالتناسخ. ومما يدل أيضا على التفاعل بين عنصر الاستناد إلى آلام الشهداء وفكرة ظهور الإله فى البشر، أن انتظار رجعة الإمام، وهو ينشأ من التصور الثانى، يزداد قوة بتأثير عنصر الاستشهاد، ولكن انتظار رجعة الإمام يمكن أن يظهر مستقلا عن الاستشهاد كما يدل على ذلك القول بغيبة المهدى محمد بن الحنفية.
وحالة المراجع التى بين أيدينا لا تسمح لنا بالنظرة اليقينية فى التطور التاريخى لالتقاء الدوافع المختلفة للشيعة، فلابد إذن أن يظل من بين المسائل المطروحة للبحث هذه المقالة: إلى أى حد كانت آراء الشيعة من ظهور الإله فى البشر ومن شفاعة الإمام استمرارا مباشرا لتلك التصورات المماثلة التى ناطها بحسب ما يرويه ابن إسحاق بعض شعراء الإسلام الأولين بشخص محمد عليه الصلاة والسلام (١)؛ أى أننا يمكن أن نتساءل: إلى أى حد كانت هذه الأفكار الدينية عند الشيعة داخلة فى الإسلام قبل سنة ١١ هـ (٦٣٢ م). أما فى عهد على فإن هذه الأفكار تبدو ذات صبغة اعتقادية دينية قوية. وإذا كانت الروايات المتعلقة بعبد اللَّه بن سبأ ما زال يكتنفها الغموض، فإننا نرى الأمور أوضح من ذلك بعض الشئ عند كثير من الشعراء المائلين إلى التشيع. فرجل مثل أبى الأسود الدؤلى، وهو قد حارب إلى جانب علىّ فى وقعة صفين، يمدح عليا مدحا يبلغ حد الافتتان فيقول:
(١) ليس فى الشعر المتعلق بالنبى عليه السلام شئ مما يمكن أن يدل، ولو من بعيد. على القول بالحلول أو بوجود عنصر إلهى فى النبى عليه السلام [لمترجم]