للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو العنصر الذى كان الإسلام الرسمى (١) قد فقده منذ ذلك التحول الذى وصل بعد الهجرة بمجرى حياة النبى عليه الصلاة والسلام إلى ذروة الحظ فى الدنيا وختم حياته بموت هادئ بعيد عن كل صور المأساة المروعة. فأما الشيعة؛ فإن ميلهم إلى الاستفادة من آلام الشهداء قد تعمق فى نفوسهم إلى حد أنهم فى قصص لهم يصعب التحقق من أمرها، صوروا نهاية بعض العلويين الذين لم يبرزوا قط فى أى شأن، فى صورة الاستشهاد، مسمومين فى الغالب بإيعاز من الخلفاء. مثل الحسن بن على، وجعفر الصادق وعلى الرضا وغيرهم.

وهذا الشعور بآلام الشهداء الذى يمكن أن يظل أمرا دنيويا، وقد ظل عند الزيدية الذين هم أقرب المسلمين إلى أهل السنة، أمرًا ممعنا فى الدنيوية، قد تحول عند غالب الشيعة إلى أمر دينى محض، بمعنى أن مقتل الحسين مثلا كان عندهم بمثابة تمهيد الطريق إلى الجنة (٢)، فإن ذلك يرجع إلى أن تصورا دينيًا ارتبط بعنصر الاستفادة من آلام الشهداء، قد انضاف إلى الأمر.

وإذا نحن نظرنا إلى الشيعة من هذا الوجه استطعنا أن نعبر عما يميزهم على النحو الآتى: الركن الأول: أؤمن باللَّه الواحد؛ والركن الثانى: أؤمن بالوحى الذى فى القرآن، وهو قديم غير مخلوق، بعد هذا يأتى الركن الثالث: أومن بأن الإمام الذى اختاره اللَّه حاملا لجزء من الجوهر الإلهى هو السبيل إلى النجاة.

على أنه إذا كان مثل هذا الإمام يختص فى نظر من يؤمن به بصفة، أو كما هو الغالب بجوهر من أصل إلهى، فإن هؤلاء الأتباع لا يتعزون عن موته بأنه يكون حيا فى الجنة حياة يشاركه


(١) هذه تسمية لا يوجد فى الإسلام ما يقابلها، أعنى فكرة إسلام رسمى يقول به العلماء أو تقول به الدولة فى مقابل ما عداه. فلا يوجد فى الحقيقة الإسلام واحد، وهو واضح، وهو ما عليه جمهور المسلمين منذ كانوا، ومخالفه شاذ لا سند لرأيه. وليس فى الإسلام سلطة أو شخص أو مجموعة أشخاص يمثلونه، بل الإسلام فى مصادره الحقيقية، والذى يستخرجه منها هو العقل الذى يسير على المنهج العلمى. (المترجم).
(٢) إن كان المؤلف يقصد أن الشيعة اعتقدوا أن قتل الحسين كان فداء وتكفيرا لذنوبهم على نحو ما يعتقد النصارى فى قولهم بصلب المسيح -فلماذ لم يذكر المرجع المحدد لذلك؟