أخرى قليلة) الذين دعوا بعد وفاة النبى عليه الصلاة والسلام إلى أن يكون علىّ هو خليفة النبى، أى أنهم فى رأى الشيعة لم يرتدوا عن الدين، وذلك أن مبايعة سائر صحابة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] لأبى بكر عدت فى نظر غالبية الشيعة "ردة". غير أن الروايات، خصوصا المتعلقة بسلمان الفارسى روايات أسطورية بحتة (Horovitz فى مجلة، Islam جـ ١٢، ص ١٧٨ وما بعدها). وقد ألصقت باسم سلمان طائفة. كبيرة من الروايات الشيعية المتأخرة، ونسبت إليه نبوءات كثيرة حول مصير العلويين فيما يستقبل من الزمان.
على أن ما كان يبتغيه الشيعة من أن تبقى الإمامة فى الإسلام للعلويين، باعتبار أنهم "آل بيت" النبى عليه الصلاة والسلام، بقى من غير أن يتحقق. فخلافة علىّ بين عامى ٣٥ و ٤٠ هـ (٦٥٦ - ٦٦١ م) لم تكن سوى خلافة قصيرة؛ على حين أن ابنه الحسن لا يندرج فى عداد الخلفاء. وكانت أول إمارة علوية مستقلة هى التى أسسها إدريس بن عبد اللَّه الحسنى فى مراكش سنة ١٧٢ هـ (٧٨٩ م)؛ لكن بلاده كانت جميعا على مذهب أهل السنة؛ ومعنى هذا أنه لم تكن ثمة دولة شيعية بل مجرد إمارة علوية. مثلما وجدت بعدئذ دول صغيرة يحكمها أمراء علويون. وكان إمام صنعاء فى اليمن هو الشيعى الوحيد بين هؤلاء الأمراء، وقيل هو فى الحقيقة زيدى.
ولم كان نشاط الشيعة قد لقى فى الميدان السياسى مقاومة شديدة جدا لم يتمكن معها من تحقيق أغراضه، فقد اقتصر على الميدان الدينى، وهنا ساعدته تجاربه السياسية على نحو فريد فى بابه، ذلك أن استشهاد الواحد من العلويين كان يعقب استشهاد الآخر، وكان مقتل الحسين الذى لقى مصرعه بسيوف جند الدولة، أكثر مما كان دم على الذى اغتاله فرد من الخوارج، هو بذرة مذهب الشيعة، وهكذا عاد إلى الظهور بين الشيعة عنصر الاستناد إلى آلام الشهداء،