وأمرائهم. وكان من أثر ذلك أن مر الأزهر خلال عصر الدولة الأيوبية بمرحلة من الركود، بعد أن كان مركز، مهما للعلوم الدينية وغيرها. على أن قطع خطبة الجمعة من الجامع الأزهر لم يبطل صفته الجامعية؛ فقد ظل محتفظا بصفته معهداً للبحث والدرس. ومن العلماء الذين قصدوه حينذاك عبد اللطيف البغدادي، الذى قدم إلى مصر فى سنة ٥٨٩ هـ (١١٩٣ م) فى عهد السلطان الأيوبى العزيز عثمان بن صلاح الدين، والذى قام بالتدريس فيه بضعة أعوام حتى سنة ٥٩٥ هـ (١١٩٨ م).
ومن العلماء الذين كان لهم نشاط علمى فى الأزهر فى العصر الأيوبى، الشيخ زكى الدين المنذري الشافعى، والشيخ شمس الدين الأيكى، والمحدث سعد الدين بن الحارثيّ الحنبلي، والشيخ شهاب الدين السهروردى، والمؤرخ شمس الدين بن خلكان، صاحب كتاب (وفيات الأعيان)، الذى ألقى بعض دروسه فى الجامع الأزهر، عندما زار القاهرة فى سنة ٦٣٧ هـ (١٢٣٩ م). وتجدر الإشارة إلى أن المصادر التاريخية لم تذكر أن أحد، من سلاطين بنى أيوب عنى بالجامع الأزهر من الناحية المعمارية؛ فلم تتناوله يد الإصلاح والإعمار طيلة حكمهم.
وظل الجامع الأزهر معطلا من إقامة الخطبة حوالى مائة عام، منذ عهد صلاح الدين الأيوبى وعلى وجه التحديد منذ سنة ٥٦٧ هـ (١١٧١ م)، حتى تم تجديده وأعيدت الخطبة فيه؛ وذلك فى عهد السلطان المملوكى الظاهر بيبرس البندقدارى فى سنة ٦٦٥ هـ (١٢٦٦ م). فى تلك السنة رأى الأمير عز الدين أيدمر الحلِّى نائب السلطنة -الذى كان مقيماً فى قصره المجاور للجامع الأزهر- أن يتقرب إلى الله بالعمل على تجديد عمارة الأزهر، وإحياء مآثره. وبالإضافة إلى المقصورة التى شيدها الأمير أيدمر الحلى، قام الأمير "بيلبك الخازندار" بإنشاء مقصورة أخرى كبيرة فى الجامع الأزهر، رتب فيها جماعة من الفقهاء لقراءة الفقه على مذهب الإِمام الشافعى، ومحدِّثا لشرح الأحاديث النبوية؛ ورتب