وبنى أمية وملكهم، وأخبر ببنى بويه وأيام دولتهم، وأخبر عبد اللَّه بن عباس بانتقال الأمر إلى أولاده "فإنه لما ولد لعبد اللَّه بن عباس ابنه علىّ أخرجه أبوه إلى علىّ بن أبى طالب فأخذه وتَفَل فى فيه وحنكه بتمرة قد لاكها، ودفعه إليه وقال: خذ -إليك- أبا الأملاك"(١). هذه الأخبار وأمثالها انتشرت بين الشيعة حتى ليكادون يذكرون أنه أخبر بما كان وما سيكون إلى يوم الدين، كل هذا إذا أنت ضممته إلى أن أكثر شيعة علىّ كانوا فى العراق، وكانوا من عناصر متنوعة، والعراق من قديم منبع الديانات المختلفة، والمذاهب الغريبة، وقد سادت فيهم من قبل تعاليم مانى ومزدك وابن ديصان، كما رأيت من قبل، ومنهم نصارى ويهود سمعوا المذاهب المختلفة فى حلول اللَّه فى بعض الناس -كل هذه الأمور جعلت منهم من يؤله عليّا. فأما العرب فكانوا أبعد الناس عن المقالات والمذاهب الدينية، حياتهم البسيطة، وعقليتهم التى على الفطرة تأبى عليهم أن يلصقوا بمحمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] ألوهية، وهو الذى يكرر دائمًا ما جاء فى القرآن:{إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}.
هذه العقيدة فى علىّ تناقض فكرة الإسلام البسيطة الجميلة فى وحدانية اللَّه وتنزُّهه عن المادة. ومن حسن الحظ أن ليست هذه المقالة فى علىّ قول الشيعة جميعهم ولا أكثرهم، بل قول فرقة قليلة منهم هم الغلاة.
أساس نظرية الشيعة -كما رأيت- الخليفة أو كما يسمونه هم "الإمام" فعلى هو الإمام بعد محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، ثم يتسلسل الأئمة بترتيب من عند اللَّه، والاعتراف بالإمام والطاعة له جزء من الإيمان. والإمام فى نظرهم ليس كما ينظر إليه أهل السنة، فعند أهل السنة الخليفة أو الإمام نائب عن صاحب الشريعة فى حفظ الدين، فهو يحمل الناس على العمل بما أمر اللَّه، وهو رئيس السلطة القضائية والإدارية والحربية، ولكن ليس لديه سلطة تشريعية، إلا تفسيرًا لأمر أو اجتهادًا فيما ليس فيه نص؛ أما عند الشيعة فللإمام معنى آخر هو أنه أكبر معلِّم؛