الحديث فى فضائل الصحابة -عدا عليًا والهاشميين- وخاصة عثمان، وضع الشيعة أحاديث كثيرة فى فضائل علىّ وفى المهدى المنتظر، وعلى الجملة فيما يؤيد مذهبهم، وربما فاقوا فى ذلك الأمويين؛ فاشتغل بعض علمائهم بعلم الحديث وسمعوا الثقات وحفظوا الأسانيد الصحيحة، ثم وضعوا بهذه الأسانيد أحاديث تتفق ومذهبهم، وأضلوا بهذه الأحاديث كثيرًا من العلماء لانخداعهم بالإسناد، بل كان منهم من سُمِّى بالسُّدى، ومنهم من سمى بابن قتيبة، فكانوا يروون عن السدى وابن قتيبة، فيظن أهل السنة أنهما المحدثان الشهيران، مع أن كلا من السدى وابن قتيبة الذى ينقل عنه الشيعة إنما هو رافضى غال، وقد ميزوا بينهما بالسدى الكبير والسدى الصغير، والأول ثقة والثانى شيعى وضَّاع، وكذلك ابن قتيبة الشيعى غير عبد اللَّه بن مسلم بن قتيبة. بل وضعوا الكتب وحشوها بتعاليمهم ونسبوها لأئمة أهل السنة، ككتاب "سر العارفين" الذى نسبوه للغزالى؛ ومن هذا القبيل ما نراه مبثوثًا فى الكتب من إسناد كل فضل وكل علم إلى علىّ بن أبى طالب إما مباشرة وإما بواسطة ذريته: فعلم المعتزلة جاء من أن واصل ابن عطاء -رأس المعتزلة- تلقى العلم عن أبى هاشم عبد اللَّه بن محمد بن الحنفية، وأبو هاشم تلميذ أبيه، وأبوه تلميذ علىّ، وأبو حنيفة أخذ العلم عن جعفر الصادق، ومالك بن أنس قرأ على ربيعة الرأى، وقرأ ربيعة على عِكْرمة، وعكرمة على عبد اللَّه بن عبَاس، وعبد اللَّه قرأ على علىّ، وبهذه الطريقة ينسب فقه الشافعى إلى الإمام علىّ لأنه تلميذ مالك، بل فقه عمر بن الخطاب يرجع إلى علىّ لأنه كان يرجع إليه فيما أشكل من المسائل وكان يقول: لولا علىّ لهلك عمر! وتفسير القرآن أخذ أكثره عن عبد اللَّه بن عباس وهو أخذه عن على؛ فقد قيل لابن عباس: أين علمك من علم ابن عمك؛ فقال: كنسبة قطرة من المطر إلى البحر المحيط -والتصوف منسوب إليه، وقد نسبه إليه الشبلى والجنيد وسَرىّ وأبو يزيد البسطامى، وينسبون الخرَقة التى هى شعارهم إليه- وأبو الأسود الدؤلى واضع علم النحو أخذه عن علىّ بن أبى طالب، فقد أملى عليه: الكلام كله ثلاثة أشياء: اسم وفعل وحرف، وعلّمه تقسيم الاسم إلى معرفة ونكرة، وتقسيم الإعراب إلى الرفع والنصب والجر والجزم. وعلى الجملة فليس هناك من علم إلا وأصله