علىّ بن أبى طالب، كأن العقول كلها أجدبت وأصيبت بالعقم إلا على بن أبى طالب وذريته، وعلى رضى اللَّه عنه من ذلك براء. . .
والذى أرى -كما يدلنا التاريخ- أن التشيع لعلىّ بدأ قبل دخول الفرس فى الإسلام، ولكن بمعنى ساذج، وهو أن عليًا أولى من غيره من وجهتين، كفايته الشخصية، وقرابته للنبى، والعرب من قديم تفخر بالرياسة وبيت الرياسة، وهذا الحزب -كما رأينا- وجد من بعد وفاة النبى صلى اللَّه عليه وسلم ونما بمرور الزمان وبالمطاعن فى عثمان، ولكن هذا التشيع أخذ صبغة جديدة بدخول العناصر الأخرى فى الإسلام من يهودية ونصرانية ومجوسية، وأن كل قوم من هؤلاء كانوا يصبغون التشيع بصبغة دينهم، فاليهود تصبغ الشيعة يهودية، والنصارى نصرانية، وهكذا: وإذ كان أكبر عنصر دخل فى الإسلام هو العنصر الفارسى كان أكبر الأثر فى التشيع إنما هو للفرس.
* * *
ومن أشهر الأدباء والشعراء المتشيعين فى هذا العصر أبو الأسود الدؤلى، وفى علىّ وبنيه يقول:
يقول الأرْذَلون بنو قشير ... طِوَالَ الدَّهر لا تَنْسى عليّا
بنو عمَّ النبىِّ واقرَبُوهُ ... أَحَبُّ الناس كُلِّهُمُوا إِلَيَّا
أحبهموا كَحُبِّ اللَّه حتّى ... أَجِئَ إذا بُعثْتُ عَلَى هَوَيّا
فإنْ يَكُ حُبُّهُمْ رُشْدًا أُصبْهُ ... ولسْتُ بمخِطئ إنْ كان غَيّا
وكذلك كان كثَيِّر عزة، وقد قرأت قبل شعره فى الرَّجعة، والكمَيْت وكان شيعيًا غاليًا، ومن شعره فى الخلافة:
يقولون لم يُورَثْ، ولولا تُراثُةُ ... لقد شَرَكَتْ فيه بَجِيل وأرْحَبُ (١)
ولا نْتَشَلتْ عضوين منها يُجَابِرٌ ... وكان لعبد القيس عضو مُؤَرّبُ
فإنْ هى لم تَصْلحْ لحىٍّ سِوَاهُمُو ... إذًا فَذَوُوا القُربى أحقُّ وأَقرَبُ
فَيَالَكَ أمْرًا قد أُشِتّتْ جُمُوعُه ... ودارًا ترى أسبابها تَتَقَضّبُ
تَبَدَّلَتِ الأشرار بعد خِيَارها ... وجُدَّ بها من أُمَّة وهى تلعب
رقم الإيداع بدار الكتب ٩٥٣٢/ ١٩٩٦
ISBN ٩٧٧ - ٠١ - ٤٩٥٥ - ١