بمؤونتها من صحار، وكانت أرضها الخصبة الغنية تغل البلح والموز والتين والرمان والسفرجل وغيرها من الفواكه؛ وكذلك كانت صحار دائبة الاتصال بالبحرين، متوسلة فى ذلك بطريق يخرج منها ويمتد مسايرًا الشاطئ مجتازًا الجبال إلى جلفار، ولكن سرعان مادب الاضمحلال فى هذا الطريق. والظاهر أن حملة الخليفة هارون الرشيد، ثم حملة المعتضد الذى حاول أن يضم عمان إلى الخلافة وصادف فى هذا نجاحًا أكبر مما صادفه هارون الرشيد، لم يكن لهما أثر بالغ فى صحار. على أن البلدة قد دمرت أثناء فتن القرامطة، ثم أعيد بناؤها؛ وفى سنة ٣٦٢ هـ (٩٧٢/ ٩٧٣ م) حدث اشتباك أمام صحار بين أبى حرب قائد عضد الدولة والزنج الذين كانوا قد احتلوا عمان، وكتب النصر لأبى حرب فاستولى على صحار واضطر أهلها إلى الفرار؛ وفى سنة ٤٣٣ هـ (١٠٣١ - ١٠٤٢ م) أنفذ أبو كاليجار البويهى جيشًا فارسيًا بالبحر إلى عمان وكانت قد انتقضت عليه، ورسا الأسطول أمام صحار واستولى عليها وأخضع أهلها، ولكن البويهيين وولاة الفرس السلاجقة الذين ورثوا ملك خلفاء بغداد لم يفعلوا شيئًا لرد ما كانت عليه صحار من رفاهية وازدهار؛ وحوالى منتصف القرن الثانى عشر الميلادى توقفت تجارة صحار مع الشرق الأقصى عندما أفلح إمام من أئمة اليمن فى السيطرة على الخليج الفارسى بضربة بارعة وخنق التجارة بالبحر بل أعمل يد السلب والنهب فى الشاطئ حتى تحولت التجارة شيئًا فشيئًا إلى عدن. ويقول ابن المجاور، وهو من الثقاة الذين يعتمد على روايتهم، إن صحار كانت خربة بالفعل فى الربع الأول من القرن السابع للهجرة (حوالى ١٢٢٥ م)، وقد تحولت تجارتها إلى هرمز مركز التجارة الفارسية وإلى ميناء قلهات العربية. والظاهر أن صحار انتعشت مرة أخرى من بعد وأعيد بناؤها، فقد ذكرها ماركويولو باسم صوير Soer وقال إنها تتاجر فى الخيل مع مليبار؛ وقد ذكر ابن بطوطة صحار أيضًا فى رحلاته.