للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأظهر ما فى هذا الأسلوب التعليمى أنه لا يبدأ بتعليم القواعد والتعاريف والكليات فى اللغة إلا بعد أن يكون الطالب قد تذوق هذه اللغة وتكون لديه ملكة وذوق.

المرحلة الثالثة: وفيها يدرس الطالب علوم الدين، من فقه وحديث وتفسير وتوحيد وأخلاق وما إليها، كما يدرس علوم اللغة العربية من نحو وصرف وبلاغة وغير ذلك من العلوم العربية.

وفى بعض الأحوال كان فريق من الطلاب يدرسون علوم الطبيعة والرياضيات والفلك والهندسة والطب؛ وكان علم الطب يطالعه الطلاب بالأزهر حتى عصر محمد على. وقد كانت لعبد الرحمن الجبرتى المؤرخ عناية بدراسة الطب؛ فقد كتب ملخصًا لتذكرة داود الأنطاكى فى الطب، ما زالت مخطوطة فى مكتبة الأزهر حتى الآن.

ولم يكن هناك ما يُلزم طلبة العلم بالاتجاه إلى العلوم الطبيعية والرياضية والطبية وغيرها من العلوم العقلية، فأهمل الطلاب دراستها، إلا من وجدت لديه الرغبة الشخصية، والدافع الذاتى، لدراستها، من أمثال الشيخ أحمد الدمنهورى ١١٩٠ هـ، والشيخ حسن الجبرتى ١١٨٨ هـ. والشيخ حسن العطار ١٢٥٠ هـ، وغيرهم ممن تاقت نفوسهم إلى دراسة هذه العلوم.

ولا جدال فى أن المدة التى سبقت الحملة الفرنسية كانت مرحلة وصل فيها التخلف الثقافى إلى أبشع صوره، ومع ذلك فتاريخ الجبرتى حافل بالإشارات إلى آفاق المعرفة المتنوعة لدى الشيوخ فى تلك الحقبة، على نحو ينفى الصورة الشائعة عن ذلك العصر نفياً تاماً.

وعندما هبطت الحملة الفرنسية أرض مصر، أدرك علماء الأزهر بعد الشقة بينهم وبين الغرب المسيحى، ولهذا وجدنا من نادى بعودة العلوم الوضعية إلى الأزهر، أمثال: عبد الرحمن الجبرتى، وإسماعيل الخشاب، وحسن العطار، ومن بعدهم رفاعة الطهطاوى، تلميذ العطار.

وكان للعطار ولع بقراءة الكتب المترجمة من اللغات الأوروبية، خصوصًا فى علمى التاريخ والجغرافيا: