ومع هذا القصور، لا يصح الاهتمام بوهم مثل أن صحيح البخارى يعتبر حافظًا للسفن من الغرق ونحو ذلك من الأخطار، فإن هذا ليس إلا من أوهام العامة! !
- ٢ -
وأما سوء التعبير، ففى قول الكاتب: أن ترجمات البخارى، "تتسم فى كثير من الأحيان بالهوى، كما تكون فى بعض الأحيان مضللة، مثال ذلك عندما يقدم لحديث يتكلم عن المساجد، التى تشد إليها الرحال، وهى المسجد الحرام، ومسجد المدينة، والمسجد الأقصى، بعنوان هو: فى فضل الصلاة فى مسجد مكة والمدينة".
فالتعبير، بالهوى والتضليل، مهما تخفف ترجمته وتلطف عبارتها، وهو على كل حال تعبير سيئ، وغير علمى معا؛ ويدل على أن الكاتب لم يرجع إلى شئ مما قاله القدماء أنفسهم، عن تلاقى ترجمات البخارى للأحاديث مع عبارتها، وهو ما أسوق مثلا منه هنا، ما قاله "السندى" فى حاشيته، ونصه:"اعلم أن تراجم الصحيح على قسمين: قسم يذكره، لأجل الاستدلال بحديث الباب عليه؛ وقسم يذكره ليجعل كالشرح لحديث الباب؛ ويبين به مجمل حديث الباب مثلا؛ لكون حديث الباب مطلقًا، قد علم تقييده بأحاديث آخر، فيأتى بالترجمة مقيدة؛ لا ليستدل عليها بالحديث المطلق، بل ليبين أن مجمل الحديث هو المقيد، فصارت الترجمة كالشرح للحديث؛ والشراح جعلوا الأحاديث كلها دلائل لما فى الترجمة، فأشكل عليهم الأمر فى مواضع ولو جعلوا بعض التراجم كالشرح، خلصوا عن الإشكال فى مواضع" -هامش البخارى جـ ١، ص ١، ط الشرقية سنة ١٣٠٤ - فهو منهج البخارى قد نبه عليه الأقدمون، كما ترى.
وحديث "لا تشد الرحال. . الخ" الذى استشهد به الكاتب -سامحه اللَّه- على الهوى والتضليل، ليس إلا من النوع الثانى من ترجمات البخارى، قد قال فيه الشراح ما يكفى لبيان وجه ترجمة البخارى له بعبارة "فضل الصلاة فى