غير مسألة فإنما هو رزق يرزقكه اللَّه" فقال عمر: أما والذى نفسى بيده لا أسأل أحدًا شيئًا ولا يأتينى شئ من غير مسألة إلا أخذتُه".
وعن أبى هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: والذى نفسى بيده، لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتى رجلًا أعطاه اللَّه من فضله، فيسأله، أعطاه أو منعه".
وعن رجل من بنى أسد أنه نزل هو وأهله ببقيع الغرقد فقال له أهله: اذهب إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فاسأله لنا شيئًا نأكله، فذهب إلى الرسول فوجد عنده رجلًا يسأله والرسول يقول له: لا أجد ما أعطيك، فتولى الرجل عنه وهو مغضب، فقال الرسول: "إنه ليغضب على أن لا أجد ما أعطيه، من سأل منكم وله أوقية أوعَد لها فقد سأل إلحافًا". فرجع الأسدى من غير أن يسأل الرسول، فقدم على الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد ذلك بشعير وزبيب، فقسم للأسدى منه حتى أغناه اللَّه؛ ويقول مالك أن الأوقية أربعون درهما.
ويذكر مالك تحت عنوان "ما يُكره من الصدقة" أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تحل الصدقة لآل محمد، إنما هى أوساخ الناس". وكذلك لم يكن يجوز للنبى -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يتصدق من أموال الصدقة أى الزكاة) وإنما كان يجوز له أن يتصدق من ماله الخاص.
ويروى عن أسلم أن عبد اللَّه ابن الأرقم سأله أن يدله على بعير من المطايا ليطلب من عمر رضى اللَّه عنه أن يحمله عليه، فقال أسلم: نعم، جملا من الصدقة، فقال عبد اللَّه بن الأرقم: أتحب أن رجلا بادنا فى يوم حار غسل لك ما تحت إزاره ورفغيه ثم أعطاكه فشربته؟ فغضب أسلم وقال: يغفر اللَّه لك، أتقول لى مثل هذا؟ فقال عبد اللَّه بن الأرقم: إنما الصدقة أوساخ الناس، يغسلونها عنهم (فى هذا المقام بعض الخلط الهين بين معنيى كلمة صدقة).
وفى القرن التالى يتناول البخارى فى الكتاب الرابع عشر من صحيحه، وهو الكتاب الذى موضوعه الزكاة، الصدقة بمعنييها، وربما كان لم يفطن إلى أنه يتكلم عن شيئين مختلفين. وهو فيما يتعلق بالصدقة الاختيارية يقول فى أبواب شتى أن الصدقة واجبة على المسلم، فمن لم يجد فعليه أن يعمل بيده