فينفع نفسه ويتصدق، فإن لم يجد فليعمل بالمعروف وليمسك عن الشر، فإن ذلك له صدقة.
ويجب أن تكون الصدقة التى يؤتيها الإنسان متناسبة مع مقدرته، وأن تكون من الزائد مما يملك، ويجب أن يعطى الإنسان الصدقة بيده اليمنى وأن يعطيها لمن يستحقها؛ ويجوز للمرأة أن تتصدق من بيت زوجها من غير إفساد، كما يجوز للخادم أن يتصدق بأمر سيده. وعلى الإنسان أن يتعفف عن المسألة، لكن يجب أن تؤخذ الزكاة من أموال الأغنياء وترد على الفقراء؛ والصدقة تكفر الذنوب.
والغزالى يتناول الصدقة فى كتاب "أسرار الزكاة" من إحياء علوم الدين، وخصوصا فى الوظيفة الثامنة، حيث يعين من تزكو به الصدقة، فهو يجب أن يكون تقيا معرضا عن الدنيا؛ من أهل العلم؛ صادق التقوى؛ مستترًا مخفيًا لحاجته معيلا أو محبوسا بمرض أو سبب من الأسباب، من الأقارب وذوى الأرحام.
ويتكلم الغزالى فى الفصل الرابع عن صدقة التطوع، وهو بعد أن يذكر أحاديث للنبى -صلى اللَّه عليه وسلم- وأقوالا للصحابة والصالحين يتناول المسألة التى وردت فى القرآن الكريم: وهى مسألة إخفاء الصدقة وإظهارها أيهما أفضل. فالذين مالوا إلى إخفائها قالوا: إن الإخفاء أستر على الأخذ وأحفظ لمروءته، وإنه أسلم لقلوب الناس وألسنتهم، فإنهم ربما يحسدون الآخذ أو ينكرون عليه الأخذ ويظنون أنه أخذ مع الاستغناء.
والذين مالوا إلى الإظهار قالوا: إن الإظهار فيه معان من الإخلاص والصدق والسلامة عن تلبيس الحال والمراءاة ومن إسقاط الجاه والتبرى عن الكبرياء وغير ذلك. والغزالى ينتهى، كما ينتهى السير روجر دى كافرلى، إلى أن الاختلاف ليس اختلافًا فى المسألة بل هو اختلاف فى الحال، وأنه لا يقطع بأن الإخفاء أفضل فى كل حال أو الإظهار أفضل، بل يختلف ذلك باختلاف النيات، وتختلف النيات باختلاف الأحوال والأشخاص.
بعد هذا ينتقل الغزالى إلى بحث مسألة: هل الأفضل الأخذ من الصدقة أو من الزكاة، فالبعض يفضل الأخذ من