بالهجوم ونجحوا فى رد الشآميين بالرغم من الإمدادات التى أرسلت إليهم، واستطاعوا أن يفتحوا الطريق إلى النهر، ودل على مرة أخرى على سماحته حين سمح لحملة الماء من الشاميين بنقل المياه من جوار رجاله مما أدى إلى انتشار روح التآخى بينهم وبين الشآميين على وجه لا ضير منه.
ومضى بعض الوقت فى مفاوضات لم تنته إلى نتيجة، إذ أصر معاوية فى عناد على أن يسلم الخليفة قتلة عثمان، الأمر الذى لم يكن يريده الخليفة فضلا عن أنه لم يكن فى استطاعته، ومع ذلك فإن المفاوضات استمرت، وعندما بدا أن النزاع يوشك على الانفجار، حاول محبو السلام من الجانبين أن يحولوا دون وقوع ذلك. ويقول الدينورى (ص ١٨٠ وما بعدها)، إن الحال ظلت كذلك مدى شهرى ربيع الثانى وجمادى الأولى من سنة ٣٦ هـ. على أن هذا التقدير يفسح وقتًا طويلا للغاية لما يتطلبه التمهيد للمعركة التى بدأت فى قول اليعقوبى (التنبيه، ص ٢٩٥؛ التاريخ، جـ ٢، ص ٢١٩) فى أوائل شهر صفر، والتى صححتها رواية اليعقوبى التى تذهب إلى أن موقعة الاقتراب من الماء كانت فى ذى الحجة. ويرجح أيضًا أن الطبرى (جـ ١، ص ٧٢، ٣) قد أخطأ فى قوله إن كلا من على ومعاوية كانا يرسلان فى هذا الشهر مرارًا، وفى بعض الأحيان مرتين كل يوم، الأعيان المبرزين من الرجال مع جنود من المشاة والفرسان ليقاتل بعضهم بعضًا الأمر الذى لم يؤد مع ذلك إلى نشوب معركة شاملة، إذ أن كلا من الفريقين كان يخشى النتائج المشؤومة الخليقة بأن تنتهى إليها هذه المعركة. ولابد أنه قد وقعت هنالك كما يذهب فلهاوزن صورة مماثلة للمعركة التى نشبت فيما بعد. وأراد الطرفان أن يفسحا المجال لأى احتمال يؤدى إلى عودة الوئام فاتفقا على المهادنة إبان الشهر الحرام على مألوف المسلمين، وهو شهر المحرم من سنة ٣٧ هـ (١٩ يونية - ١٨ يولية ٦٥٧ م) ولم تنجح هذه الهدنة، وأعلنت الحرب فى النهاية فى أوائل صفر، وهكذا بدأت موقعة صفين. وليس من اليسير الحصول على فكرة واضحة عن سير المعركة، إذ إن