شئ من الضعف على الرغم من جميع مظاهر العطف الشخصى التى أبديت نحوه، لأن الاتهامات الخطيرة التى وجهت إليه تركت أثرًا فى نفوس الناس، حتى من كانوا يعطفون عليه إلى حد أنهم تطلعوا بلاشك إلى سلطة عليا تستطيع أن تكشف لهم وجه الحق فى الأمر. ولو أن جانبى الصواب والخطأ كانا محددين واضحين بين الخصمين، بالصورة التى تزعمها الروايات، لما استطاع أبناء أبى بكر وعمر الإبقاء على العلاقات الطيبة بينهم وبين معاوية.
والرأى الذى نعرضه إنما تؤيده تأييدًا طيبًا رواية معتدلة كل الاعتدال ترجع إلى الزهرى وأوردها ابن سعد (جـ ٤/ ٢، ص ٣) وهى تحدثنا بأن الجيشين أنهكهما القتال وتاقا إلى حقن الدماء مما دعا عمرا إلى أن يقترح على معاوية رفع المصاحف، ودعوة العراقيين إلى تحكيم كتاب اللَّه، ومن ثم إحداث الشقاق بينهم، وعندما رأى على جمود أتباعه وفتور حماستهم سلم بطلب معاوية. وقد جاء اقتراح معاوية باختيار حكمين، ردا على سؤال لعلى عمن له أن يقرر -حكم القرآن. أما عن الجانب القصصى المثير الذى تتضمنه القصة المألوفة فهو غير موجود فى هذه الرواية على الإطلاق، وبغض النظر عن الدور الذى ينسب إلى عمرو، فقد كان من المتوقع تماما أن يكون التفسير لتحول المعركة فى غير مصلحة على هو تأكيد حدوث خيانة أدت إلى هذا التحول، وقد وجهت هذه التهمة إلى الأشعث ولعل ماضيه كان يبرر دون شك مثل هذا الافتراض بعض التبرير، إذ تتفق جميع المصادر على أنه توسط بحماسة فى الدعوة إلى تحكيم القرآن، ذلك أنه كان يخشى كما جاء فى الدينورى (ص ٢٠١) أن ينجم عن الاستمرار فى القتال أن يحيق أعداء الإمبراطورية العربية بها من كل جانب. وقد أيد معاوية هذا الرأى حين سمع به. ويقول الطبرى (جـ ١، ص ٣٣٣٢ وما بعدها) إن الأشعث عرض أن يذهب إلى معاوية ليؤكد له ما يراه من اقتراحات أخرى، وقد وافق على على ذلك. على أن اليعقوبى يقول (جـ ٢، ص ٢٢٠) إن معاوية أرسل إليه ليغريه بالانحياز إلى جانبه وأنه هدد بأن يترك