الأجنبى الخاص لخلفاء قرطبة الأمويين، وكان الاسم يطلق أصلا على جميع الأسرى الذين كانت تأتى بهم الجيوش الألمانية من حملاتها على الصقالبة ثم يبيعونهم إلى المسلمين فى الأندلس، على أن الاسم صقالبة كان يطلق فى الأندلس فى وقت مبكر جدا يعود إلى عهد الرحالة ابن حوقل على جميع الأرقاء المجلوبين الذين يلتحقون بالجيش أو يعينون فى شتى المناصب فى الحريم وقصور الخلفاء. ويذكر هذا الجغرافى إنه فى الزمن الذى اجتاز فيه شبه الجزيرة الأيبيرية كان الصقالبة هناك لا يفدون من شواطئ البحر الأسود فحسب، بل كانوا يفدون أيضًا من كالابريا ولومبارديا ومن بلاد الفرنج وجليقية. والحق أن معظمهم فيما يظهر قد جلبهم القراصنة المغاربة والأندلسيون فى حملاتهم على السواحل الأوربية للبحر المتوسط؛ وكان أولئك الذين يستخدمون منهم لحراسة الحريم بضاعة خاصة يتاجر بها التجار اليهود الذين احترفوا حرفة هامة هى "صناعة الخصيان" على حد تعبير دوزى، مارسوها فى فرنسا وبخاصة فى فردون؛ وكان معظم هؤلاء الأسرى عند وصولهم إلى الأندلس لا يزالون بعد فى شرخ الشباب، ولكنهم سرعان ما بدأوا يتحدثون بالعربية ثم أسلموا.
ولم يلبث عددهم أن زاد زيادة كبيرة، ويقول المقرى إن تعدادهم على تعاقب السنين فى قصبة البلاد أيام عبد الرحمن الثالث كان: ٣٧٥٠ و ٦٠٨٧ و ١٣٧٥٠ نسمة على التوالى. ونحن نجدهم فى ذلك الزمن يتولون مناصب مرموقة فى المجتمع رغم أنهم كانوا من الأرقاء، وقد أثرى بعضهم وامتلك الضياع الواسعة، بل كان لهم عبيدهم الخاصون بهم، وتثقفت عقولهم بفضل اتصالهم بالحضارة الأندلسية الزاهرة، وكان منهم علماء مشاهير، وشعراء، ومحبون لاقتناء الكتب، وفى رواية ابن الأبار والمقرى أن أحدهم، وهو حبيب الصقلابى، صنف فى عهد هشام الثانى كتابًا بأسره أشاد فيه بفضائل أدباء الصقالبة من الأندلسيين، وكان عنوان الكتاب:"كتاب الاستظهار والمغالبة على من أنكر فضائل الصقالبة".