الروايات، إلى الشام حيث نصبه زنكى واليا على بعلبك، وظل فى منصبه هذا (وقد أقطعه زنكى ثلث المدينة وملحقاتها) إلى ما بعد استيلاء الأتابك أبق على هذه المدينة، ونشأ صلاح الدين وإخوته فى بعلبك، فلما بلغ صلاح الدين السابعة عشرة من عمره صحب أباه إلى بلاط نور الدين حين استولى نور الدين على دمشق سنة ٥٤٩ هـ (١١٥٤ م؛ انظر فيما يتصل باحتلال بعلبك ودمشق مقدمة Baalbek, in islamischer zeit فى المجلد الثالث من Baalbek, Ergebnisse der Ausgra. bungen und Untersuchungen in den Jahren ١٨٩٩ - ١٩٠٥ برلين ١٩٢٥)، ومن العجيب أننا لا نعرف إلا القليل عن شباب صلاح الدين وتعليمه، ولم يكن لصلاح الدين شأن ما فى بلاط نور الدين، بل إن الأمير أسامة، الذى كان يقيم فى هذا البلاط، لم يكن يعرفه، كما يتبين من سيرته التى كتبها بقلمه، على أنه برز أول ما برز حين صحبه شيركوه معه فى أول حملة له على مصر سنة ٥٥٩ هـ (١١٦٤ م) على كره منه (فى رواية أبى شامة دون أن يبين لذلك سببا) وكان شاور وزير الخليفة العاضد قد عُزل وحل محله منافس له هو ضرغام فاستنجد شاور بنور الدين أتابك الشام، ووعده بثلث خراج مصر، على حين طلب ضرغام من أمورى الأول Amauryi صاحب بيت المقدس مؤازرته ووعده بإتاوة كبيرة، على أن ضرغاما منى بالهزيمة وقتل قبل أن يستطيع أمورى أن يمد له يده بأية مساعدة. وأعيد شاور إلى الوزارة، ولم يف بوعده، وأراد شيركوه أن يظفر بما وعد فأمر صلاح الدين باحتلال بلبيس وناحيتها وأن يجمع منهما الخراج، فنشب على الأثر قتال حامى الوطيس، ووجد شاور نفسه فى مأزق حرج فاستنجد بالملك أمورى، ولم يجد شيركوه وصلاح الدين بدًا من التحصن ببلبيس، وأبلى الرجلان بلاء حسنا فى الدفاع عن المدينة حتى تعذر على شاور وأمورى الاستيلاء عليها، وفى هذه الأثناء استولى نور الدين على حصن حارم الهام وتقدم صوب بانياس مما اضطر أمورى إلى العودة إلى الشام لمنع نور الدين من الاستيلاء على أراض أخرى، وكان قد اتفق مع شيركوه على