١١٦٧ م)، وقد تعهد شيركوه بأن يعود إلى الشام ومعه صلاح الدين، وتبادل الفريقان الأسرى، وقوبل صلاح الدين بالحفاوة والتكريم فى معسكر أمورى وزار النصارى فى الاسكندرية وزعم كل من الطرفين أنه هو المنتصر، وترك أمورى حامية فى القاهرة كما ترك إدارة لجمع الخراج، وربما كان الخوف من انتصارات نور الدين هو السبب الأكبر فى عقد معاهدة الصلح، على أن أمورى لم يحافظ على الصلح، ذلك أن مستشاريه زينوا له غزو مصر بعد أربعة عشر شهرا فحسب، كما أن حاميتيه فى الاسكندرية والقاهرة نصحتاه بالاستيلاء على مصر نهائيا، فتقدم صوب بلبيس واستولى عليها فى ٢٩ من المحرم سنة ٥٦٤ هـ (٢ نوفمبر سنة ١١٦٨ م)، وأعمل القتل فى جميع سكانها فلم يترك منهم أحدا أو يكاد، وقد نفر منه المصريون لهذه الوحشية، ثم تقدم صوب القاهرة، وسعى الوزير شاور إلى إشعال النار فى الفسطاط رغبة منه فى حماية المدينة، ويقال إنها ظلت تحترق ٥٤ يوما، ومنع الدخان المتصاعد من الحريق أمورى من تخير مكان مناسب لمحاصرة القاهرة، وأسرع الخليفة ما وسعه الأسراع إلى إيفاد الرسل للاستنجاد بنور الدين، على حين كان شاور يفاوض أمورى؛ وأوفد نور الدين شيركوه ومعه صلاح الدين، وكان صلاح الدين لا يزال متأثرا بما لقيه من بلاء خلال حصار الإسكندرية، وإنما قرر الذهاب مع شيركوه بعد شئ من التردد، وزود بالرجال والجياد والسلاح. وحاول أمورى أن يعترض طريق شيركوه دون جدوى، وفى غرة ربيع الثانى سنة ٥٦٤ هـ (٢ يناير سنة ١١٦٩ م) راح يتقهقر، ولم تنقض بضعة أيام حتى ظهر شيركوه أمام القاهرة وحياه أهل المدينة تحية المنقذ، على أن شاور ظل يناصبه العداء، ودبر أن يأسره هو وأمراءه فى عيد من الأعياد، واتصلت هذه الخيانة بعلم شيركوه ورجاله فقرر صلاح الدين أن يتخلص منه، وقبض على شاور بينما كان راكبا فى جوار القاهرة وأمر بقتله، وسر الخليفة إذ تخلص من وزيره المستبد، وأقام شيركوه وزيرا فى السابع عشر من ربيع الثانى سنة ٥٦٤ هـ (١٨ يناير سنة ١١٦٩ م)، إلا