ويمكن معرفة قيمة هذه الشعيرة مثلا مما قيل إن محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يتوضأ قبل أن يرفع يديه للدعاء (البخارى: كتاب المغازى، باب ٥٥) ويصبح هذا واضحًا كل الوضوح حين نفكر فى أن رفع اليدين كان فى الواقع عملا واجبًا يتخذه الإنسان إزاء اللَّه كما بين جولدتسيهر فى مقاله (Noldeke.Festschrift. Zauber elemente in islamischen Gebet جـ ١، ص ٣٢٠). ثم إن السنة تربط القنوت بالركوع، والقنوت يدخل من بعض نواحيه فى نفس الباب الذى يدخل فيه رفع اليدين كما أبان جولدتسيهر أيضًا فى مقاله الذى ذكرناه وشيكا.
والركن الآخر للصلاة الذى يلى هذا هو"السجود" وكان أيضًا من شعائر الصلاة عند اليهود (انظر Mittwoch: المصدر المذكور، ص ١٧ وما بعدها: هشتجواياه) وكذلك عند المسيحيين (Moharmneden de Joden to Medina: Wensinck, ص ١٠٤ وما بعدها) ويتخذ المصلى بعد ذلك وضعا بين الركوع والقعود وهو ما يعبر عنه فى العربية عادة بالجلوس (انظر Juynboll: المصدر المذكور، ص ٧٦، شكل ٧) ثم تلى ذلك سجده أخرى؛ وهذه الشعائر من تلاوة الفاتحة حتى السجدة الثانية هى ركعة كاملة. ويجب أن نلاحظ أنه لا يزال هناك خلاف كبير فى كتب الحديث على الأقل حول هذا الاصطلاح. ويبدو أحيانًا أن كلمة ركعة تستعمل فيما تستعمل فيه كلمة سجدة، وأحيانا تكون كلمة ركعة (وهو الاستعمال الذى استقر من بعد) اصطلاحا أشمل معنى، ينطبق على الجزء الأوسط من الصلاة كلها الذى وصفناه وشيكا ويوضح تاريخ الشعائر الإسلامية وحده، هذه النواحى توضيحًا دقيقًا. وأكثر الاصطلاحات استعمالا (فى الحديث أيضًا) يحدد عدد الركعات لكل صلاة، فصلاة الفجر ركعتان، وصلاة الظهر أربع ركعات، وصلاة العصر أربع ركعات، وصلاة المغرب ثلاث ركعات، وصلاة العشاء أربع ركعات، بل إن الحديث يقول أيضًا إن الصلاة كانت فى الأصل من ركعتين، وإن هذا العدد نفسه عمل به فى صلاة السفر.