وحاصر المدينة شهرًا. ولم يجد واليها بدًا من أن يؤدى له نظير انسحابه من الحصار سبعين ألف دينار.
وبعد سقوط طرابلس بأسبوع، ظهر الأسطول المصرى أمام هذه المدينة بجنوده وقد تزود بمال ومؤن تكفيه سنة، فلما سمع المصريون أن القلعة قد استولى عليها الفرنجة عادوا إلى صور ووزعوا الجنود والمؤن على صور وصيداء وبيروت.
وضرب بلدوين الحصار على صور مرة أخرى فى الخامس والعشرين أو السابع والعشرين من شهر جمادى الأولى (٢٧ أو ٢٩ من نوفمبر سنة ١١١١)، وشيد برجين خشبيين ارتفاعهما عشر أذرع، وأقام فى كل منهما ألف جندى، ودفع بهما إلى أسوار المدينة؛ واستنجد الصوريون بطغتكين فقدم من دمشق إلى بانياس وبعث منها بالأمداد فقطعت المؤن عن الفرنجة، على حين سار هو نفسه إلى صيداء. وكان بولديون قد اقتحم بالفعل سورين من أسوار صور عندما عقد عز الملك الأعز وإلى صور مجلس حرب انبرى فيه شيخ سبق أن اشترك فى الدفاع عن طرابلس مبديًا استعداده لتدمير برجى الحصار اللذين أقامهما الفرنجة. ونجح الشيخ نجاحًا فى إشعال النار فيهما. ولم يظفر الفرنجة بطائل يستحق الذكر حتى ربيع عام ١١١٢ م. وفى هذه الأثناء كان طغتكين قد أقبل فى عشرين ألف مقاتل بعد أن استولى على قلعة الجيش فى الشام وقطع المؤن عن الفرنجة. فلما أخذوا يجلبون المؤن بحرًا ضرب الأراضى المحيطة بصيداء. وفى ١٠ من شوال (٢١ إبريل) رفع بلدوين الحصار وارتد إلى عكا. ورحب سكان صور بطغتكين فأجزلوا له الهدايا النفيسة، ورمموا أسوار مدينتهم وخنادقها بعد أن حل بها الأذى من جراء الحصار. ثم غادر طغتكين المدينة وسلمها للخليفة مرة أخرى. على أنه حدث فى السنة التالية عينها أن خشى أهلها وأميرهم عز الملك أنشتكين الأفضلى أن يشن عليهم الفرنجة غارة أخرى، فاستقر رأيهم على أن يسلموا المدينة ثانية إلى طغتكين واستجاب طغتكين لرجائهم وبعث إليهم بالأمير مسعود وزوده بالجنود للدفاع عنها. ومع ذلك فقد ظلت الخطبة باسم الخليفة كما ضربت السكة باسمه أيضًا.