وقد كانت الشام منذ العهد الطولونى واقعة فى جميع الأحوال تقريبا تحت سيادة مصر، واستتبت هذه السيادة (أكثر وأكثر فى عهد الفاطميين. وانتفض الصوريون على الخليفة الحاكم سنة ٣٨٨ هـ (٩٩٨ م) يقودهم فلاح يدعى علاقة فى الوقت نفسه الذى انتقضت فيه الرملة وحاصر قلعة فامية القائد الرومى (البوزنطى) دوكاس. وأنفذ وإلى الشام جيش بن محمد بن صمصام إلى صور حسين بن عبد اللَّه بن ناصر الدولة والخصى فاتق (وفى رواية فائق) البرَّاز. فلما هاجم الرجلان صور من البر والبحر استجار علاقة بالإمبراطور البوزنطى طالبا منه العون، فأرسل الإمبراطور إليه عدة سفن، ولكن هذه السفن حلت بها هزيمة منكرة فى معركة بحرية، وهنالك انهارت معنويات السكان فى صور ولم يعودوا يقوون على الاستماتة فى المقاومة فسقطت المدينة ونهبت وذبح سكانها وعُرِّب علاقة ثم قتل فى مصر.
على أن الفتن استمرت؛ ولم يجد الوزير بدر الجمالى بدًا سنة ١٠٨٩ م من أن ينتزع صور وعكا وجبيل من السلطان السلجوقى تتش. وفى سنة ٤٩٠ هـ (١٠٩٧/ ١٠٩٨ م) أنزل خليفته الأفضل شاهانشاه بالسكان العقاب على فتنة جديدة قاموا بها فذبحهم تذبيحا, ولم ينج من ذلك حتى والى صور إذ أخذ فقتل؛ حدث هذا فى السنة نفسها التى غادر فيها الصليبيون القسطنطينية. وضربت السكة فى صور باسم الخليفة المستعلى (١٠٩٤ - ١١٠١ م).
وسعت صور أول الأمر (١١٠٠ - ١١٠١ م) إلى استمالة قلب بلدوين بالهدايا, ولكنها سرعان ما شاركت فى الدفاع عن عكا وطرابلس (١١٠٣ م) وبناء على اتفاق تم بين الأمير عز الدين صاحب صور وبين طغتكين هاجم عز الدين سنة ٥٠٠ هـ (١١٠٦ - ١١٠٧ م) معقل الملك الصليبى فى تبنين ونهب ضاحية من ضواحيها وذبح أهلها ثم عمد إلى الفرار سريعا حين سار بلدوين من صور إلى طبرية. وظهر هذا الملك فى السنة التالية أمام أسوار صور، وشيد قلعة على تل المعشوق