وأرباض عكا التى كانت قد تخربت مرة أخرى (البلاذرى: المصدر المذكور، ص ١١٧, ١٤٣). ثم حدث بعد ذلك أن أراد هشام بن عبد الملك أن يشترى من حفيد من أحفاد أبى معيط مصانع ومخازن فأبى الرجل أن يبيعها له، فما كان من هشام إلا إن نقل دار الصناعة إلى صور وبنى مخازن وأحواضا هناك (البلاذرى، ص ١١٧).
ويقول الواقدى أيضًا: إن صور حلت فى عهد المروانيين محل عكا بوصفها محطة بحرية وظلت كذلك من بعد (البلاذرى، ص ١١٨؛ بن جبير، طبعة رأيت، ص ٣٠٥). فلما جاء المتوكل (٢٤٧/ ٢٤٨ هـ) وزع الأسطول وجنود البحرية على بلدان الساحل الشامى.
وقد وصف جغرافيو العرب صور قديما فيقولون: إنها من سواحل الأردن المنيعة التحصين العامرة بالسكان يحف بها أراضى خصبة. وكانت هذه المدينة الجزرية لا يبلغها أحد إلا من البر الأصلى عن طريق باب يؤدى إليه جسر، وكانت أيضًا محصنة بأسوار تنهض عمودية من البحر وتكاد تكتنفها من جميع الجوانب ويقوم جزء آخر من البر الأصلى. وقد وصف القزوينى كذلك (طبعة فستنفلد، جـ ٢، ص ٣٦٦, السطر الخامس من أسفل تحت اسم طليطلة) الجسر الذى ذكره المقدسى أيضًا، فقال إنه أكبر قنطرة فى العالم (لعله خلط بينه وبين جسر سنجه). وكانت القنطرة المعلقة القديمة التى كانت تخرج من بلدة (وهى الآن رأس العين أو الرشيدية) حتى صور مارة بتل المعشوق لا تزال تزود المدينة بالمياه فى القرون الوسطى (المقدسى: المكتبة الجغرافية العربية، جـ ٢، ص ١٦٣؛ ناصر خسرو، طبعة شفر، ص ١١). ويذكر ناصر خسرو الذى زار صور سنة ١٠٤٧ م بيوتها التى تتراوح طبقاتها بين خمس طبقات وست طبقات، كما يذكر مشهد، غنيا بالزخارف قائما عند باب المدينة. وكان معظم أهلها وقتذاك من الشيعة إلا القاضى فقد كان من أهل السنة. وذكر الإدريسى فى عهد الحروب الصليبية (١١٥٤ م) ما كان بصور من صناعة زاهرة للزجاج والفخار ونسج الأقمشة النفيسة. وذكر قدامة أرصفة السفن القائمة فى المدينة.