للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بحسب الرواية الإسلامية المجمع عليها والجديرة بالتصديق (انظر Mohammed en de jaden to Medina: A.J.Wensinck, وهى رسالة قدمت للجامعة للحصول على درجة الدكتوراه فى الفلسفة، ليدن ١٩٠٨ ص ١٣٦ - ١٣٧, خلافًا لما يقوله مثلا Das Leben and die Lehre des Mohammad: A. Sprenger، جـ ٣، ص ٥٣ - ٥٩). نسخت آيات الصوم فى سورة البقرة (الآيات ١٨٣ - ١٨٥) وجوب صوم يوم عاشوراء وأحلت محل ذلك وجوب صيام شهر رمضان (٨). وفيما يتعلق بمسألة السبب الذى من أجله اختار محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] شهر رمضان بالذات والمصدر الذى أخذت عنه شعيرة الصوم الإسلامية، قيلت آراء عديدة (٩)، وبقول الإسلام إنه هو الصوم الذى فرضه اللَّه على اليهود والنصارى، لكنهم أفسدوه، فأعاده الإسلام إلى صورته الصحيحة (١٠) ويذهب شبرنكر (Sprenger: فى موضع آخر من كتابه المذكور، جـ ٤، ص ٥٥ وما بعدها) إلى أنه تقليد للصوم الأربعينى عند النصارى؛ ونولدكه وشفالى (Geschichtes des Qorans: NoldekSchwally، جـ ١، ليبسك ١٩٠٩، ص ١٨٠،


= تشريعه ورغبته فى مخالفة اليهود فكان ينوى أن يصوم التاسع لكنه [-صلى اللَّه عليه وسلم-] توفى قبل ذلك (راجع البخارى, كتاب الصوم، باب صوم يوم عاشوراء؛ وصحيح مسلم: كتاب الصوم، باب أى يوم يصام فى عاشوراء).
على أنه فى حديث أبى هريرة، وبحسب ما يقوله اليهود أيضًا، أن يوم عاشوراء هو الذى استوت فيه سفينة نوح عليه السلام على الجودى فصامه نوح شكرًا (هذا الحديث رواه الإمام أحمد -راجع مجمع الزوائد القاهرة ١٩٥٢، جـ ٣، ص ١٨٤).
ولا عجيب أن يكون الصوم للعبادة أو للشكر أقدم من صوم اليهود، ولا عجيب أن يتخذ النبى الصادق، بتشريع جديد منه، سنة نبى سابق سنة له؛ لأن الأنبياء هداهم واحد، واللاحق منهم يصدق السابق.
(٨) لكن صوم يوم عاشوراء ظل اختياريا كما تقدم القول.
(٩) كلام كاتب المادة هنا غير علمى؛ لأنه لا يقبل صحة الوحى المحمدى وأصالته، مع توفر الأدلة الحاسمة، على صحة هذا الوحى وتميزه عن كل ما عداه. أما كلامه عن سبب اختيار شهر رمضان للصيام أو لنزول القرآن فهو بحث عن شئ لا سبب له سوى الاختيار الإلهى الذى نعرفه من التعليم الإلهى. وقصارى ما يصل إليه من يحيد عن قبول الأدلة على صدق رسالة الإسلام، هو أن يلتمس أنواعا من التشابه السطحية أو العارضة بين الصوم الإسلامى وغيره وهذا لا يصلح طريقًا فى الاستدلال ولا يقدم أصحابه فى فهم الإسلام شيئًا، بل هو يحول بينهم وبين إدراك يتميز الصوم الإسلامى عن اليهودى والنصرانى والمانوى وعن كل صوم معروف لنا.
(١٠) راجع فى هذا مثلا: تفسير الفخر الرازى لآية الصوم، وأيضًا تفسير ابن كثير للآية نفسها، حيث يروى أن صوم رمضان فرض على الأمم من قبل.