للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الصوم، الباب ١٥ وغيره). على أن الصوم فيما عدا هذا يذكر فى القرآن فى سورة البقرة، الآية ٦ حيث يُؤمر به بدلا من الحج فى بعض الأحوال (١٦)، وفى سورة النساء، الآية ٩٢، حيث يؤمر بصيام شهرين متتابعين المؤمن الذى يقتل شخصا (١٧) من قوم بينهم وبين المسلمين ميثاق قتلا خطأ ثم لا يجد الفدية التى يجب تسليمها إلى أهل المقتول ولا يجد تحرير رقبة مؤمنة؛ وفى سورة المائدة، الآية ٨٨: أنه يجب على المرء أن يصوم ثلاثة أيام كفارة اليمين الذى يحنث فيه (١٨)؛ وفى السورة نفسها، الآية ٩٤: أن المرء يجب أن يصوم تكفيرا عن قتله الصيد وهو


= وإذن فلم يكن الصوم فى أول الأمر من الغروب إلى الغروب، وإنما كان الإنسان لا يأكل بعد أن ينام، حتى ولو كان نومه فى أول الليل، ثم حدد وقت الطعام والشراب بظهور نور الفجر. ومن المعلوم أن النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- حدد وقت الإفطار بالغروب وأمر بتعجيل الفطر، لكن البعض كان من باب الورع يحب أن يواصل الصوم حتى العشاء ثم يصلى ويأكل وينوى الصوم وينام. وبعد أن أذن بالطعام والشراب حتى الفجر صار البعض يواصل الصوم إلى الفجر وصار البعض يريد مواصلة الصيام إلى اليوم التالى فنهاهم النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- (راجع البخارى؛ كتاب الصوم).
فعلى أى الأحوال لم يكن الصيام من الغروب إلى الغروب. والصيام بعد الوقت المحدد للإفطار سواء للعشاء أو للفجر ورع إسلامى لا علاقة له بتقليد أحد.
(١٦) يشير كاتب المادة إلى قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
ويؤخذ من كلام كاتب المادة أن الصوم فى بعض الأحوال يقوم مقام الحج، لكن الذى تدل عليه الآية هو إن المحصر -أى الذى يشرع فى الحج ثم يمنع من المضى إلى البيت وهو محرم- إذا أراد التحلل من الإحرام فإن عليه ان ينحر ما يتيسر من الهدى وإن الصوم يكون فدية تجب على من يحلق متحللا بسبب قهرى، وأنه أيضًا يجب على من لم يجد ما ينحره إذا تمتع بالعمرة إلى الحج، على ما تبينه الآية. وليرجع القارئ إلى تفسير هذه الآية عند البيضاوى وابن كثير مثلا، فضلا عن الرجوع إلى كتب الحديث، كتاب الحج، وكتب الفقه، ليرى أن كلام كاتب المادة يدل أبدًا على المقصود من الآية التى يستشهد بها.
(١٧) يقول كاتب المادة "شخصا مؤمنا"، لكن هذا ليس موجودًا بصراحة فى الآية التى يشير إليها، لأن فيها "فإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق". وقد ذهب جماعة من العلماء إلى وجوب الدية كاملة، وكذلك تحرير رقبة مؤمنة حتى عندما يكون المقتول كافرًا، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين.
(١٨) صوم ثلاثة أيام هو أحد الكفارات، وهو الكفارة الأخيرة فى الترتيب بحسب معنى الآية: إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم الحالف أهله أو كسوتهم؛ أو تحرير رقبة؛ أو صوم ثلاثة أيام لمن لم يجد.