(١٤) هذا كلام كاتب المادة، وهو غير دقيق ولا شاف لأن الفدية تكون بالنسبة للقادر على الصوم ولو لم يكن مريضا ولا مسافرًا وكان هذا فى أول الأمر بحسب قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} ثم نسخ ذلك وأصبحت الفدية فى حق من كان شيخا أو عجوزًا ضعيفًا أو مريضا لا يرجى برؤه. وفى طريقة تعبير القرآن (يطيقونه، وبحسب قراءات أخرى: يطوقونه أو يتطوقونه) ما يشعر بأن المقصود بالفدية هم القادرون، لكن مع الجهد والمشقة لسبب غير المرض العارض وغير السفر. والحديث صريح فى نسخ قوله {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} بقوله {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (راجع البخارى: كتاب الصوم) راجع مثلا فيما يتعلق بمراحل فريضة الصوم تفسير ابن كثير لآية الصوم. (١٥) يقصد كاتب المادة قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} الآية ١٨٧. وقول كاتب المادة إن أهل الورع هن المسلمين كانوا يصومون من الغروب إلى الغروب كما يصوم اليهود كلام غير صحيح، وهو استنتاج خاطئ أو فهم خاطئ للنصوص، فالذى يؤخذ من حديث البخارى الذى يشير إليه الكاتب هو أنه فى أول الأمر كانت الفترة التى يأكل فيها المسلمون ويشربون تمتد ما بين الغروب، وهو موعد الأفطار، وبين أن يناموا، وهذا يكون طبعا بعد صلاة العشاء أو صلاة العتمة أو العتمة باختصار. وهذا هو معنى ما نجده فى كلام العلماء من أن المسلمين كانوا فى أول الأمر يصومون من العشاء الآخرة إلى العشاء الآخرة أو من العتمة إلى العتمة (راجع تفسير الرازى لآية الصوم). وهم كانوا يحبون أن يقضى من الليل شئ قبل أن يفطروا، وذلك على سبيل الوصال فى الصوم، ثم حدث أن أحدهم وهو قيس بن صرمة الأنصارى لم يجد طعاما عند الإفطار، فانطلقت امرأته بالطعام بعد أن كانت قد غلبته عيناه فقام ولم يستطع أن يأكل لأن الأكل بعد النوم لم يكن جائزًا. ووصل قيس صومه فى اليوم التالى فلما انتصف النهار غشى عليه. وذكر ذلك للنبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فنزلت آية {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} وقوله {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}. =