(١٠٨) هذا هو نص كلام الشعرانى متماسكا لا كما فككه كاتب المادة: "ومن ذلك (أى مما اختلفوا فيه) قول الشافعى وأحمد إن الكفارة على الزوج مع قول أبى حنيفة ومالك أن على كل منهما كفارة فإن وطئ فى يومين من رمضان لزمة كفارتان عند مالك والشافعى". وقال أبو حنيفة: "إذا لم يكفر عن مالك لزمة كفارة واحدة وإن وطئ فى اليوم الواحد مرتين لم يجب بالوطء الثانى كفارة". وقال أحمد: "يلزمه كفارة ثانية" وإن كفر عن الأول. فالأول (رأى الشافعى وأحمد فى أن الكفارة على الزوج) مشدد على الزوج مخفف على الزوجة على كل منهما) مشدد عليهما لاشتراكهما فى الترفة والتلذذ المنافى لحكمة الصوم. ويقاس على ذلك ما بعده من قول أبو حنيفة وأحمد فى التشديد والتخفيف". ولابد من الإشارة إلى حكمة الكفارة وهى أنها "تمنع من قوع العقوبة على من جنى جناية تتعلق باللَّه وحدة أو تتعلق باللَّه وبالخلق فتصير الكفارة كالظلة تمنع من وصول العقوبة إليه" (١٠٩) هذا ما يقول كاتب المادة، لكنه غير دقيق من كل الوجوه. ففى الأصل العربى الذى يرجع إليه: "ومن ذلك قول أبى حنيفة ومالك إن من أفطر فى نهار رمضان وهو صحيح مقيم تلزمه الكفارة من القضاء مع قول الشافعى فى ارجح قوليه وأحمد إنه لا كفارة عليه". ولكن يجب أن تتذكر أنه توجد أحكام كثيرة: حكم الحامل والمرضع؛ حكم الشيخ الكبير والمريض الذى لا يرجى برؤه؛ وحكم الناسى، وكل هذا قد تقدم. لكن يبقى حكم من تعمد الإفطار بالأكل والشرب: اتفق الأئمة الأربعة على أن من صام ثم أفسد صوم يوم من رمضان بالأكل أو الشرب عامدًا يجب عليه قضاء يوم مكانه فقط. وهذا الرأى المخفف يستند، كما يقول الشعرانى، إلى سكوت الشارع عن إلزام المفطر بشئ زائد على قضاء ذلك اليوم. لكن لبعض العلماء آراء أخرى؛ فربيعة يقول إنه لابد أن يصوم عن كل يوم اثنى عشر يوامًا؛ وابن المسيب يوجب عليه أن يصوم عن كل يوم شهرا؛ والنخعى يوجب صوم ألف يوم؛ وعند على وابن مسعود إنه لا يقضيه صوم الدهر". ووجه هذه الآراء المشددة أنها من باب التغليظ على المفطر بغير عذر، وقد ذكر الشعرانى وجه أشدها تغليظًا (رأى على وابن مسعود) وهو أن المفطر المتعمد خالف الأمر فى اليوم الذى أمر اللَّه بالصوم فيه، والقضاء إنما هو صوم فى غير الوقت الأصلى، وهو صوم يوم يماثل ما أفطر فيه وليس عن ما أفطر فيه. والشعرانى عندما يذكر مثل هذا الرأى يعتبر أنه فى حق الخاصة والأكابر لا فى حق العامة والأصاغر.