جاء فى الإحياء "الصوم إنما كان له "أى للَّه" ومشرفا بالنسبة إليه، وإن كانت العبادات كلها له. كما شرف البيت بالنسبة إلى نفسه والأرض كلها له، لمعنيين: أحدهما أن الصوم كشف وترك، وهو فى نفسه سر ليس فيه عمل يشاهد. وجميع أعمال الطاعات بمشهد من الخلق ومرأى، والصوم لا يراه إلا اللَّه عز وجل فإنه عمل فى الباطن بالصبر المجرد؛ والثانى إنه قهر لعدو اللَّه عز وجل، فإن وسيلة الشيطان، لعنة اللَّه. الشهوات، وانما تقوى الشهوات بالأكل والشرب، ولذلك قال [-صلى اللَّه عليه وسلم-]: "إن الشيطان ليجرى من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع". ولذلك قال [-صلى اللَّه عليه وسلم-] لعائشة رضى للَّه عنها: "داومى قرع باب الجنة؛ قالت: بماذا؟ [-صلى اللَّه عليه وسلم-]: بالجوع". . . فلما كان الصوم على الخصوص قمعًا للشيطان وسدا لمسالكه وتضييقًا لمجاريه استحق التخصيص بالنسبة إلى اللَّه عز وجل ففى قمع عدو اللَّه نصرة للَّه سبحانه، وناصر اللَّه تعالى موقوف على النصرة له، قال اللَّه تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}، فالبداية بالجهد من العبد والجزاء بالهداية من اللَّه عز وجل" انتهى كلام الغزالى؛ والإشارة فى قول الغزالى أن الصوم للَّه إلى الحديث القدسى: "كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لى وأنا أجزى به". المترجم