للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدينة أثناء الحج؛ ويكره صيام الضيف من غير إذن مضيفه؛ وصيام الصبى من غير إذن أبيه. . وهكذا.

١٠ - ويحرم الصوم فى أيام التشريق على من يكون فى منى وعلى من يكون على سفر. والغزالى فى أول "كتاب أسرار الصوم"، من مؤلفه الإحياء، يتكلم عن قيمة الصوم وهو يذكر بعض الأحاديث المشهورة لبيان شأن الصوم العظيم عند اللَّه، ثم إن الصوم وسيلة قمع عدو اللَّه، لأن الشهوات التى هى وسيلة الشيطان لبلوغ غرضه تقوى بالأكل والشرب (١٢٢) الشهوات "مرتع الشياطين ومرعاهم، فما دامت مخصبة لم ينقطع ترددهم، وما داموا يترددون لم ينكشف للعبد جلال اللَّه سبحانه وكان محجوبا عن لقائه، وقال [-صلى اللَّه عليه وسلم-]: "لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بنى آدم لنظروا إلى ملكوت السموات"، فمن هذا الوجه صار الصوم باب العبادة.

وفى الفصل الأول من كتاب أسرار الصوم يذكر الغزالى الواجبات الظاهرة والسنن فى الصوم، على مذهب


(١٢٢) يحسن أن نذكر كلام الغزالى نفسه هنا، لأنه أبلغ فى بيان المراد وأشفى:
جاء فى الإحياء "الصوم إنما كان له "أى للَّه" ومشرفا بالنسبة إليه، وإن كانت العبادات كلها له. كما شرف البيت بالنسبة إلى نفسه والأرض كلها له، لمعنيين: أحدهما أن الصوم كشف وترك، وهو فى نفسه سر ليس فيه عمل يشاهد. وجميع أعمال الطاعات بمشهد من الخلق ومرأى، والصوم لا يراه إلا اللَّه عز وجل فإنه عمل فى الباطن بالصبر المجرد؛ والثانى إنه قهر لعدو اللَّه عز وجل، فإن وسيلة الشيطان، لعنة اللَّه. الشهوات، وانما تقوى الشهوات بالأكل والشرب، ولذلك قال [-صلى اللَّه عليه وسلم-]: "إن الشيطان ليجرى من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع". ولذلك قال [-صلى اللَّه عليه وسلم-] لعائشة رضى للَّه عنها: "داومى قرع باب الجنة؛ قالت: بماذا؟ [-صلى اللَّه عليه وسلم-]: بالجوع". . . فلما كان الصوم على الخصوص قمعًا للشيطان وسدا لمسالكه وتضييقًا لمجاريه استحق التخصيص بالنسبة إلى اللَّه عز وجل ففى قمع عدو اللَّه نصرة للَّه سبحانه، وناصر اللَّه تعالى موقوف على النصرة له، قال اللَّه تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}، فالبداية بالجهد من العبد والجزاء بالهداية من اللَّه عز وجل" انتهى كلام الغزالى؛ والإشارة فى قول الغزالى أن الصوم للَّه إلى الحديث القدسى: "كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لى وأنا أجزى به". المترجم