لبنى خزرون، وهم عشيرة من البربر تنحدر من قبيلة زناتة، فاستلقوا بأمرها (٣٩١ - ٥٤١ = ١٠٠٠ - ١١٤٥ م)
على أن تاريخ هذه الفترة التى بلغت قرنًا ونصف قرن من الزمان ليس واضحًا تمام الوضوح بالرغم من المعلومات التى زودنا بها ابن عذارى وابن خلدون وابن الأثير، ونعمت طرابلس حينا من الزمن بحكم ذاتى يكاد يكون كاملًا، على أن هذا الحكم كانت تتنازعه الخلافات الداخلية.
وكان من شأن غزوة بنى هلال وبنى سليم، تلك الغزوة التى غيرت النظام السلالى والسياسى فى إفريقية الشمالية تغييرًا بالغ الأثر، أن أطاحت بحكم بنى خزرون فى طرابلس، وظلت المدينة أثنتى عشرة سنة (١١٤٦ - ١١٥٨) تحت حكم النورمنديين، ثم غزاها الموحدون، وظلت فى قبضة أيديهم قرنًا أو نحو قرن، تتخلله الغزوات والفتن التى تسبب فيها قرقوش المغامر وبنو غانية.
ونحن نعرف عن أحوال طرابلس فى عهد بنى حفص أكثر من ذلك، بفضل ابن خلدون والتيجانى والزركشى، فقد انقضت تبعية طرابلس للموحدين سنة ٦٤٦ هـ (١٢٤٧ - ١٢٤٨ م)، عندما أقيم محمد بن عيسى الهنتانى واليًا على المدينة؛ واجتاز التيجانى طرابلس سنة ١٣٠٨ م. فوجد واليها الحفصى يقيم فى قصبة (أى قصر)، لعلها فى موضع القصبة الحالية، وكان يحكم المدينة الوالى ومجلس من عشرة من الأعيان يجتمعون فى مسجد يسمى مسجد العشرة، وقد شاهد الرحالة فى طرابلس حمامًا جميلا وشوارع عريضة نظيفة يلتقى معظمها فى زوايا قائمة، وأعجب بقوس مرقس أوريليوس وبالمسجد الأعظم وبكثير من المزارات وبمدرسة كانت تسمى المدرسة المستنصرية وبأسوار قوية عنى القوم بصيانتها وتمتد الخنادق أمام بعض أجزائها، وكانت حياة المدينة العقلية مزدهرة فى ذلك الوقت تحفل بالكثير من المثقفين.
وقد ظهرت طرابلس، بعد زيارة التيجانى بوقت قصير، فى تاريخ المنافسات الداخلية بين الأسرة