أتباعا كثيرين بين بربر هوارة وزناتة، وكانوا العنصر الغالب على السكان. وحوالى سنة ١٤٠ هـ (٧٥٧ - ٧٥٨ م)، خرج الإمام أبو الخطاب المعافرى الإباضى من طرابلس فى الفتنة المعروفة باسم فتنة ورفجومة التى هددت ملك العرب فى إفريقية الشمالية تهديدًا خطيرًا، إلا أنها أخمدت على يد محمد بن الأشعث الذى أنفذه الخليفة المنصور فى وقعة توارغة (١٤٣ هـ = ٧٦٠ - ٧٦١ م)، وقامت فتن أخرى فى السنوات التالية بسبب الإباضية المتمردين، وتكرر حصار طرابلس والهجوم عليها. ونحن نعلم أن هرثمة، والى إفريقية، أمر ببناء السور على الجانب المحازى للبحر سنة ١٧٩ - ١٨٠ هـ (٧٩٥ - ٧٩٧ م)، جاسم العباسيين (البكرى، ترجمة، de Slane ص ٢٥؛ ابن الأثير، جـ ٦، ص ٤٩؛ ابن عذارى، ترجمة Fagnan، جـ ١، ص ١٠٧).
وظلت طرابلس تحت حكم الأغالبة من سنة ١٨٤ هـ حتى سنة ٢٩٦ م (٨٠٠ - ٩٠٩ م)، على أن هذا القرن لم يكن من القرون التى سادها الهدوء، فقد ذكر ابن خلدون من بين الفتن الكثيرة تلك الفتنة التى قامت سنة ١٩٦ هـ (٨١١ - ٨١٢ م) لمناهضة عبد اللَّه ابن الأمير إبراهيم بن الأغلب وخليفته سفيان بن المضاء، وكان زعماء هذه الفتنة هم أيضًا من البربر الإباضية الذين اتخذوا من جبل نفوسة مركزًا لمقاومتهم؛ ثم غزا العباس بن أحمد بن طولون أمير مصر، ولاية طرابلس فى عهد الأمير زيادة اللَّه الأغلبى، وأوقع العباس الهزيمة بمحمد بن فرهب والى طرابلس سنة ٢٦٥ هـ (٨٦٨ - ٨٦٩ م) فى لبدة وحاصره ٤٣ يومًا فى طرابلس.
وخضعت طرابلس للعبيديين أثناء حكمهم لشمالى إفريقية، وكانوا هم الذين يقيمون ولاتها؛ وقد ورد ذكر فتنة أخمدها أبو القاسم سنة ٣٠٠ هـ (٩١٢ م)؛ انتقل العبيديون إلى مصر، حكم طرابلس أول الأمر بنوزيرى الذين تركهم العبيديون فى إفريقية يتولون أمرها باسمهم، على أنه لم ينقض وقت طويل حتى استتب الأمر