قنطرة معلقة تأخذ الماء من عين قريبة بدولاب وتزود به الحصن والمساجد، وكذلك أنشأ أحمد نافورة على الشاطئ تزود البحارة بالماء؛ إلا أن أروع ما يخلد ذكراه هو ذلك المسجد الذى أقامه (١٧٣٧ - ١٧٣٨) على الجانب المشرف على الحصن وألحق به مدرسة لا يزال الطلاب يختلفون إليها، وأغناها بكثير من الموارد ومن بينها دخل السوق المجاورة. وجمّل الحصن بغرف جديدة أنشأها ثم جدده، وقد لقى الشدائد من الدول الكبرى ومن القناصل بسبب الأضرار التى لحقت بتجارة البحر على يد قراصنته، إلا أنه أظهر من الإنسانية نحو النصارى بل الكرم فى كثير من الأحيان ما جعلهم يأخذون منذ ذلك الحين فى الاستقرار بأعداد غفيرة فى المدينة، وراحوا يمارسون صناعاتهم وحرفهم، وأحسن أحمد أيضًا معاملة بعثة الفرنسيسكان ثم خلفه ابنه محمد باشا قره مانلى (١٧٤٥ - ١٧٥٤)، وكانت مدة حكمه أقصر من أن تترك له أثرًا باقيًا، ودافع الانجليز بحرارة سنة ١٧٥١ عن حقوق مواطنيهم فى البحار؛ وأخمد محمد سنة ١٧٥٢ فتنة قام بها الألبانيون، وخلف محمدًا ابنه على باشا (١٧٥٤ - ١٧٩٣) ومدة حكمه معروفة جيدا بفضل المصادر التاريخية العديدة، المطبوع منها والمخطوط. وفى سنة ١٧٦٥ وقع على فى البندقية، جوساطة سفير من السفراء، على معاهدة صلح مع هذه الجمهورية، إلا أنه نكث بعهوده فى السنة التالية فأكرهه أسطول من البندقية عقد لواؤه الكابتن كياكومو نانى Captian Ciacomo Nani, على الوفاء بها؛ وكانت الحكومة فى عهد على باشا مؤلفة على الوجه التالى: الباشا رئيس الدولة الأعلى، ويساويه فى سلطانه الملكى أو يكاد البك قائد الجيش، والأغا رأس الإنكشارية، والكخيا عاهل الدولة المدنى الأول ومستشار الباشا، والرئيس قائد أسطول القراصنة، والخازندار، أمين خزانة الدولة، وشيخ كان يدير دفة الأعمال بالمدينة وكان أشبه بالعمدة، وخوجه يعاونه كتاب آخرون فى ديوان الحكومة، وكانت تتخذ قرارات لها شأنها فى ديوان المجلس المؤلف من رجال كانوا سفراء فى أوروبا أو قوادا من العسكريين، وقيل أن على باشا كان قد بدأ يهمل استشارة الديوان.