واجتاح طرابلس سنة ١٧٨٤ - ١٧٨٥ قحط مروع كما اجتاحها الطاعون، ويقال إن ربع السكان الذين كان يبلغ عددهم ١٤.٠٠٠ نسمة لقوا حتفهم؛ ولم يكتب لعهد على قره مانلى التوفيق بالنسبة للمشاحنات العائلية التى أثارتها أطماع يوسف بك، أحد أبنائه، فقد بلغت به الحال سنة ١٧٩٠ أن قتل أخاه حسن بك وهو بين ذراعى أمه لاله حلّومة، وأصبح يوسف بك طريد القانون وراح يشهر الحرب على أبيه؛ وحدث فى سنة ١٧٩٣ أن دخل رجل يدعى عليا برغل، وكان من قبل ضابطا فى الجزائر، ميناء طرابلس ببعض سفن وشرذمة من المرتزقة اليونانيين، واحتل المدينة فى ليلة الثلاثين من يولية؛ ولجأ على باشا إلى تونس، ثم عاد منها سنة ١٧٩٥ ومعه أطفاله، بفضل معاونة حمودة باشا أمير تونس، وارتد على برغل إلى البحر فى ليلة الثامن من فبراير.
وتولى أحمد باشا الثانى، ابن على باشا قره مانلى، الحكم بينما كان أبوه، الذى توفى سنة ١٧٩٥ لا يزال على قيد الحياة، إلا أنه لم يستطع أن يحتفظ بالحكم بسبب غيرة أخيه يوسف الذى حل محله فى يونيه سنة ١٧٩٥.
وكان يوسف باشا قره مانلى (١٧٩٥ - ١٨٣٢) يتصف إلى جانب شجاعته وبعد نظره بما يتصف به عواهل المغاربة من الغدر والمكر والقسوة؛ وقد عنى بإصلاح الاستحكامات وجدد أسوار المدينة بين الميناء والحصن كما يستفاد من نقش تاريخه سنة ١٢١٥ هـ (١٨٠٠ - ١٨٠١ م) فى جوار سوق النجارة، وقد اكتسبت ولاية طرابلس أهمية دولية خلال حروب نابليون، بسبب الحملة المصرية واحتلال مالطة، وكان المفروض أن تتخذ طرابلس قاعدة لتزويد مالطة بالطعام وللاحتفاظ بالعلاقات مع مصر بعد أن سيطر الانجليز على البحر، على أن هذا لم يكن ممكنا، ذلك أن الانجلير كانوا قد سدوا ميناء طرابلس وبسطوا رعايتهم على القنصل الفرنسى وأنزلوه فى جنوة، ثم استأنفت فرنسا علاقاتها الودية مع يوسف باشا سنة ١٨٠١؛ وكانت طرابلس على علاقة سيئة بالولايات المتحدة سنة ١٨٠٣ - ١٨١٥ فقد كانت السفينة "فيلادلفيا" قد أنفذت لتأديب القراصنة فجنحت على صحور الميناء واحترقت، فاستنجد الأميريكيون بأحمد