بذكر استعادة امرأة أمام الرسول عليه الصلاة والسلام؟
فأما أن الطلاق كان هينا ولأسباب يسيرة، فواضح فى حالة الاستعادة أمام الرسول عليه الصلاة والسلام أن أساس هذه الرابطة الزوجية، وهو المودة والرحمة -آية ٢١: الروم- ليس موجودًا من جانب المرأة، وقد قال القرآن الكريم:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وهو ما فهم منه أن يفعل بها الزوج ما يحب أن تفعل به، أى أن يصنع لها كما تصنع له -والعبارتان لابن كثير والبغوى جـ ٢، ص ٣٨٤ و ٣٨٥ ط المنار- وإذا كان الأمر كذلك، فهل بقى شئ من أساس هذه الصلة أو نظام التعامل فيهما بعد الاستعاذة باللَّه من الزوج! !
ولا موضع للغمز فى خبر الاستعاذة باللَّه أمام الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لأنها -حين تصح- ليست إلا من حيل النساء، على ما هو معروف من الخبر، فهن أفهمن هذه المرأة المستعيذة أن هذا هو ما يحب الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تلقاه به المرأة أول لقاء، فتوهمت المرأة ذلك واستعادت.
والمسألة كلها أهون من أن يطول فيها القول بأكثر من ذلك.
وأما إشارة الرسول عليه الصلاة والسلام بأن يطلق ابن عمر زوجته لأجل أن أباه كان يكرهها، فيحسن أن نقدم بين يدى الكلام عنها، ما أدب به القرآن الناس، عند كراهتهم هم أنفسهم لهؤلاء الزوجات وما أتم به الرسول عليه الصلاة والسلام بيان هذا التأديب؛ وذك من آية النساء: ١٩ - قوله:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} فهذا هو ما تلا الرسول عليه الصلاة والسلام على عمر وابنه وغيرهما؛ ثم نقل أنه قال فى هذا التأديب:"لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضى منها آخر"، أو كما قال فى هذا المعنى. . ومن هذه الآية أخذ العلماء دليل كراهة الطلاق، مع الإباحة، وروى عن النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: إن اللَّه لا يكره شيئا أباحه إلا الطلاق والأكل، وإن اللَّه ليبغض المعى إذا امتلأ -تفسير القرطبى جـ ٥، ص ٩٨.