وفى ظل هذا التوجيه القرآنى والنبوى إلى ما يفعل عند الكراهة للزوجة ننظر فى حادث ابن عمر، وكراهة أبيه لزوجته فنرى، الحديث -كما فى مسند ابن حنبل، جـ ٢، صفحات ٤٢, ٥٣, ١٥٧:"وإذا عمر يقول للرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-]: يا رسول اللَّه إن عند عبد اللَّه بن عمر امرأة كرهتها له، فأمرته أن يطلقها فأبى، فقال لى رسول اللَّه [-صلى اللَّه عليه وسلم-]: يا عبد اللَّه طلق امرأتك فطلقها".
ودعك من أنه خبر آحاد، وأن فى سنده الحارث بن عبد الرحمن، قال الحاكم: لم يرو عنه غير أحمد. . وانظر فى عبارة الحديث قول عمر "فكرهتها له، أى كرهها لابنه، وليس أن عمر الأب هو الذى كره زوجة ابنه.
وكراهة عمر هذه الزوجة لابنه تحتمل أشياء كثيرة، وتبين قيمة مشورة هذا الأب الذى عرف بحسن التقدير، وأيدت ذلك فيه حوادث كثيرة أيد الوحى فيها رأيه، كما هو معروف. ولا بعد فى أن يكون تقدير الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] لهذا الرأى من عمر فى أن هذه زوجة غير صالحة لابنه، وكراهتها له، لا كراهة عمر لها، هو التقدير الدقيق فى ظل هذا الهدى القرآنى، عند كراهة النساء، ولذلك كله أشار الرسول عليه الصلاة والسلام بطلاق ابن عمر لمن كره أن تكون زوجة له.
ولا يبقى فى الحادث بعد ذلك وتعبير عمر بقوله "كرهتها له" موضع لملاحظة؛ وهو شهادة على دقة الكاتب أو أمانته، حين يقول من أجل أن أباه كان يكرهها. مع أنه كان يكرهها له.
- ٣ -
يقول الكاتب: "ومثل هذه النسبة إلى أقدم الفقهاء يجب أن تعتبر غير تاريخية، وإنما أصبحت تاريخية على وجه اليقين ابتداء من إبراهيم النخعى".
وفى قوله "يجب أن تعتبر غير تاريخية" جرأة، ولا يقبلها منهج البحث المحرر؛ فكل ما فى الأمر أنه قد يشك فى هذه النسبة، ولكن هذا الشك لا يعطيه الحق فى إيجاب عدم تاريخيتها. ولو قد قال إنه يشك فى تاريخية هذه النسبة، أو إنه يتهم هذه النسبة بكذا أو كيت لساغ له من ذلك ما يصح، ثم