للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العليا. وقد شيد القصر الحالى على أطلال العليا: الباشا أحمد بن على بن عبد اللَّه التمسامانى الريفى قبيل عام ١٧٤٣, وفيه قتل فى المعركة التى دارت بالقرب من القصر الكبير.

ويقطن طنجة الآن سكان خليط يبلغ عددهم ٥٠.٠٠٠ نسمة (١) منهم ٣٠.٠٠٠ من المسلمين، و ١٢٠٠٠ من اليهود، وجالية أوربية غلب عليها العنصر الإسبانى حتى عهد قريب. وكانت المدينة منذ القرن التاسع عشر مقر ممثلى الدول الأجنبية لدى بلاط سلاطين مراكش. وهذا الشأن السياسى الذى كان لقصبة الدولة الشريفية قد أضفى على طنجة طابعًا خاصًا بها؛ وهى الآن قصبة المنطقة الدولية التى تحمل اسمها، وقد تحدد أخيرًا مركز هذه المنطقة.

وتروى عن أصل طنجة وتشييدها قصص أسطورية مختلفة أشد الاختلاف يضيق المجال هنا عن ذكرها. وكان موقع المدينة معروفا لدى الفينيقيين، وكانوا هم أول من استعمرها، ثم سكنها من بعد المستعمرون البونيون، وقد ظهرت طنجة فى رحلات هانو (Hanno: Periplus) سنة ٥٣٠ ق م. والظاهر أن المدينة كانت قصبة ملوك مختلفين صغار من الأهلين أهمهم شأنًا بوّكوس الأول Bokkus (حوالى ١٠٥ ق. م)؛ وفى عهد بوكوس الثالث (فى سنة ٣٨ ق. م) أصبحت جمهورية وأعلنت رومة أنها مدينة حرة، وظلت على هذه الحال حتى عهد كلوديوس (٤٢ ق. م) وهنالك رفعت إلى مرتبة مستعمرة وسميت Julia Traducta وأصبحت قصبة ولاية Mauretania Tingitania وفى سنة ٢٩١, أى فى أيام الإصلاح الإدارى الذى قام به دقلديانوس حين ضمت ولاية موريتانيا الطنجية إلى أبرشية بايتيكا، أصبحت طنجة مقر ناظر (Comes) ورئيس Praeses يديرها مدنيا. ثم انتقلت طنجة إلى حكم البوزنطيين، ولكن سبتة كانت هى مقر ممثل إمبراطور القسطنطينية.

وكان دخول طنجة فى الإسلام فى مستهل القرن الثامن الميلادى، فقد


(١) كان ذلك وقت كتابة المادة, وقد بلغ عدد سكانها فى تعداد سنة ١٩٤١: ١٠٠.٠٠٠ نسمة.