احتلها موسى بن نصير المشهور، وناط أمر حكمها بأحد قواده وهو طارق بن زياد الليثى، وحشد طارق فى جوارها مباشرة الجنود الذين استقر رأيه على الخروج بهم من سبتة والنزول بإسبانيا سنة ٧١١ م. وأصبحت طنجة فى عهد الولاة الذين أقامهم خلفاء المشرق قصبة بلاد مراكش حتى أطلس الكبرى، ومن ثم الاصطلاح "السوس الأدنى" الذى يقابل "السوس الأقصى". وكان أول وال اتخذ طنجة مقرا له هو: عمر بن عبد اللَّه المرادى سنة ٧٣٢ م. وسرعان ما شبت فتنة ميسرة فى أرباض طنجة الدانية. وكان ميسرة رجلا من البربر تذَّرع بحركة الخوارج، وأراد أن يرفع عن كاهل بلاد مراكش الحكم العربى، وسعى إلى اجتذاب عدد كبير من الأتباع إلى نصرة قضيته، ثم سار إلى طنجة واستولى عليها سنة ٧٤٠ م، وظلت الفتنة التى أشعل نارها قائمة حتى سنة ٧٨٥ م.
ويجعل المؤرخون طنجة هى المكان الذى نزل به فى قدومه من المشرق إدريس الأول الذى أصبح سيدًا لهذه البلاد بأسرها. وقد ألفى إدريس أن موقع هذه المدينة ليس موقعًا متوسطًا يصلح كل الصلاحية لاتخاذه مقرًا له، والظاهر أنه لم يفكر فى جعلها قصبة ملكه، وهنالك فقدت طنجة مكانتها بوصفها المدينة الأولى فى بلاد مراكش، ولم تستعد هذه المكانة بعد ذلك قط. ولما تقاسم الأدارسة الملك، وقعت طنجة من نصيب القاسم، ولم يلبث أخوه عمر الذى توفى سنة ٨٣٥ م أن حل محله فيها، وانتقل الجزء الشمالى الغربى بأسره من بلاد مراكش إلى حكم هذا الأمير، واحتفظ أولاده به فتوارثه الآباء فالأبناء قرنا من الزمان ونيفا مستقلين بأمره استقلالا يكاد يكون تاما. ولم تضم طنجة إلى أملاك خلفاء الأمويين بالأندلس إلا سنة ٩٤٩ م, فأقاموا عليها واليا جعلوا له أيضًا الإمارة على مراكش التى أنزلت إلى مرتبة الولاية التابعة لقرطبة. ومن ثم فقد أقيم على ابن حمود الإدريسى فى أوائل القرن الحادى عشر الميلادى واليًا على طنجة من قبل الخليفة سليمان المستعين باللَّه، وذلك قبل أن يشعل نار الفتنة التى