للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومعنوية؛ والفقهاء يقسمون إلى ما هو حقيقى وما هو حكمى. والفقه يتناول النجاسة البدنية المادية فقط، فالجماع والحيض والنفاس كل ذلك نجس حكما، والنجاسة الحقيقية لها جرم محسوس، فمن ذلك (١) الخمر، والخنزير والكلب وما تولد منهما، والميت "إلا خمسة: الآدمى والسمك والجراد ودود التفاح"، وفى معناه كل ما يستحيل (٢) من الأطعمة، وكل ما ليس له نفس سائلة كالذباب والخنفساء وغيرهما، فلا ينجس الماء بوقوع شئ منها فيه.

وأما أجزاء الحيوانات فقسمان: أحدهما ما يقطع منه وحكمه حكم الميت. والشعر لا ينجس بالجزِّ والموت، والعظم ينجس؛ الثانى: الرطوبات الخارجة من باطنه، فكل ما ليس مستحيلا ولا له مقر فهو طاهر (٣) كالدمع والعرق، واللعاب، والمخاط، وما له مقر وهو مستحيل فنجس إلا ما هو مادة الحيوان كالمنى، والبيض، فأما القيح والدم، والروث والبول فهو نجس من الحيوانات كلها (٤).

ولا يعفى عن شئ من هذه النجاسات قليلها وكثيرها إلا عن خمسة:

الأول: أثر النجو (٥) بعد الاستجمار بالأحجار يعفى عنه ما لم يَعْدُ المخرج.

الثانى: طين الشوارع وغبار الروث فى الطريق، يعفى عنه، مع تيقن النجاسة، بقدر ما يتعذر الاحتراز عنه، وهو الذى لا ينسب المتلطخ به إلى تفريط أو سقطة.

الثالث: ما على أسفل الخف من نجاسة لا يخلو الطريق عنها، فيعفى عنه بعد الدلك للحاجة.


(١) رجعنا فى هذا الكلام وفيما يلى إلى كتاب الإحياء للغزالى، فتابعناه فى بعض المواضع توخيا للوضوح والدقة فى بيان الموضوع -وكاتب المادة نفسه رجع إلى الإحياء. (المترجم)
(٢) يعنى تغير طبيعته.
(٣) معنى المستحيل هنا هو ما تتغير طبيعته، والشئ الذى له مقر هو الذى له وعاء يكون فيه أو يتجمع فيه.
(٤) هذا كله بحسب مذهب الشافعى.
(٥) النجو ما يخرج من البطن من ريح أو غائط (لسان العرب).