للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثلاث سنوات فى دمشق واليًا على الشام، ثم نقله أخوه صلاح الدين إلى الإسكندرية حيث توفى غرة صفر سنة ٥٧٦ هـ (٢٧ يونيه سنة ١١٨٠ م).

ولم تكن حياة طورانشاه العملية بالحياة التافهة الشأن، غير أن صلاح الدين كان المحرك له دائمًا؛ ثم إنه كان رجلا يحب الاستمتاع بالحياة، وكان قد جمع ثروة كبيرة وهو بعد مقيم فى مصر، وعاد من حملة النوبة بعدد كبير من الأرقاء، ومن بينهم رئيس أساقفة النصارى. وكان قد أقطع قبل حملة اليمن إقطاعات كبيرة من إقطاعات الأسرة القديمة فى بعلبك، وخلع عليه أخوه ضياعا غنية فى اليمن؛ فلما غادر طورانشاه اليمن كان همه الأكبر منصرفًا إلى استحثاث ممثله هناك على موافاته بمواردها. وعلى الرغم من ذلك فقد خلف هذا الرجل الذى كان يتمتع بكل هذه الضياع ديونًا قدرها ٢٠٠.٠٠٠ دينار سددها أخوه. وكان طورانشاه دائم الحنين إلى الشام وقد حملت أخته ست الشام زمرد جثمانه إلى دمشق، ودفن فى المدرسة التى أقامتها هى هناك.

وكان الغزو الأيوبى لليمن عظيم الأثر فيها، فقد اجتمع شمل ولاياتها الثلاث وتوحدت فى قوة كبيرة، وبلغ الاحتلال الأيوبى غايته تماما. صحيح إن آخر الأسرة الحمدانية استطاع أن يلود بالهضاب؛ إلا أن آخر المهديين عبد النبى، وأخويه وآخر حاكم من حكام بنى كرم الأصليين وكبير الحجاب ياسر، قتلوا بأمر من طورانشاه بعد استسلامهم له بفترة وجيزة، ولم يكن من المقدور أن يجتمع شمل البلاد المفتوحة فى يد الأيوبيين إثر مغادرة طورانشاه لليمن فى أعقاب فتحها، ولذلك نشبت الفتن الخطيرة دفعة واحدة. ولم يستتب الحكم للأيوبيين إلى حد كبير إلا بعد أن أنفذ إليها صلاح أخاه طغتكين سيف الإسلام فأقام بها من سنة ٥٧٨ إلى ٥٩٣ هـ (١١٨٢ - ١١٩٦ م). وخلف طغتكين ابناه: معز الدين إسماعيل حتى سنة ٥٩٨ هـ (١٢٠١ م) والناصر أيوب سنة