كثير من الأحيان على عهد أحمد فتن وحروب خاصة، فقد كان العلويون فى الصعيد مصدر متاعب متصلة لم يستطع أحمد الخلاص منها حتى بترحيلهم بالجملة إلى المدينة، كما أن عرب البحيرة كانوا قد أوضعوا فى الشغب مما حمل خمارويه على البعد بهم عن أعمال السلب والعنف التى درجوا عليها بالالتجاء إلى الوسيلة التى استحدثها وزير الخزانة السابق أحمد ابن مدّبر فجند منهم فرقة مختارة من شبابهم اتخذها حرسًا له، ومن ثم اسمهم المختارة. وكان جنود ربيعة عم هارون المتمرد عليه من عرب البحيرة ومن البربر. وقد اصطنع أحمد إجراءات صارمة للقضاء على هذه الفتن، فلم يكتف بالقتل بالجملة فى حياته بل إنه يقال إنه ترك عند موته ١٨.٠٠٠ شخص ملقى بهم فى السجون. وقد زادت مصاعب الطولونيين بالوحشية التى دبت بينهم وبين طائفة الفقهاء بالرغم من سعيهم إلى تهدئة خواطرهم بإغداق النعم عليهم وإظهار آيات الاحترام للشعور الدينى. والظاهر أن الفقهاء انحازوا للخلفاء فى الصراع الذى نشب بين الطولونيين وبين هؤلاء، ونظروا إلى أحمد وخمارويه نظرتهم إلى مغتصبين للحكم. ولا يعد قاضى أحمد بن طولون أبو بكرة البّكار فوق الشك، إذ لعله قد حرض فى السر ابنه العباس عليه، وزج بأبى بكرة فى السجن لرفضه توقيع الفتوى التى عملت ضد الموفق. ومن المظاهر الأخرى ذات المغزى لهذا الصراع وجود خروم فى قائمة قضاة مصر بين سنتى ٢٧٠ - ٢٧٧، وبين سنتى ٢٨٣ و ٢٨٨.
ومعظم المنشآت العامة التى أقامها الطولونيون اقتضتهما سياستهم العسكرية وحاجات المدينة الجديدة القطائع. وقد شيد مسجد ابن طولون الجديد لازدحام مسجد عمرو بن العاص بجنود المعسكر الضخم. أما المنشآت الأخرى كالقنطرة المعلقة والمستشفى فقلما كانت الحاجة إليها أقل من ذلك. على أن ترميم أحمد بن طولون لقبر معاوية والهبة التى أجراها عليه سنة ٢٧٠ هـ يستبين منهما أنه فعل ذلك مناورة سياسية يجتذب بها