وخاصة من حيث النظر، أولئك الذين لم يحتكوا بالأمور الصغيرة التى تجرى فى الحياة اليومية، ولم يرضوا أن يتبعوا مذهبا بعينه كراهية منهم لتوسع المذاهب فى التخريج وما يقوم بينها من تنازع، ومن ثم فليس بعجيب أن يقوم صوفى هو الشعرانى بحفظ كثير من أحكام مذهب الظاهرية. صحيح أن مفسرى القرآن، وخاصة فخر الدين الرازى، وشراح مجموعات الحديث، يوردون التفاسير الظاهرية الخاصة، إلا أن الفقهاء المتأخرين لم يعودوا يأخذون أحكام منافسيهم السابقين من الظاهرية مأخذ الجد، وكفوا عن ذكرها فيما بقى لنا من كتب خاصة فى اختلاف الفقه. على أن الشعرانى فى كتابه الميزان (ص ٤٤) يضع فى عين الشريعة المطهرة داود بين ابن جنبل وسفيان بن عيينة (١)، ووضعه فى طرق مذاهب الأئمة المجتهدين إلى أبواب الجنة. . بين ابن جنبل وأبى الليث بن سعد. وليس بين أيدينا مخطوطات فى فقه الظاهرية، لذلك نورد من الكتاب الأول للشعرانى شواهد من السمات المتميزة لهذا المذهب فى باب الطهارة:
ص ٩٨، س ١٢: استعمال أوانى الذهب والفضة فى الأكل والشرب حرام. وقد ذكر النووى فى شرحه لصحيح مسلم (القاهرة ١٢٨٤ هـ. جـ ٤، ص ٤١٦) وأبو الفداء فى تاريخه (طبعة Reiske، جـ ٢، ص ٢٦٢) أن الظاهرية أخذوا بالحديث الخاص بذلك والذى اقتصر على ذكر الشرب، فجوّزوا الأكل فى هذه الأوانى.
ص ٩٨، س ٢٣: استعمال السواك واجب، وزاد إسحق بن راهوية شيخ داود أن من تركه عامدًا بطلت صلاته.
ص ٩٩، س ١٢ وما بعده؛ جـ ٢، ص ١٦٣، س ١٥: قال داود بطهارة الخمر مع تحريمها.
ص ١٠٣، س ١٧، ص ١٠٧، س ١٥: قال داود بجواز مس المصحف على المحدث.
(١) وضع داود فى العين المطهرة التى أوردها الشعرانى فى كتابه الميزان (طبعة المطبعة الحسينية المصرية، سنة ١٩٢٩ هـ) بين مذهب الإمام الليثى ومذهب الإمام أبى حنيفة.