يحدثنا عن طريق مأمون للقوافل من بغداد (خلال الصحراء) إلى مرباط وظفار، يسلكه البدو مرتين فى السنة ويأتون فيهما بالجياد ويقايضون عليها بالتوابل والعباءات النفيسة. وفى روايته أن أحمد بن عبد اللَّه (٦١٨ = ١٢٢١ م) خرب ظفار وبنى المنصورة على مقربة منها، ثم حملت هذه المدينة الاسم ظفار من بعد؛ وفى أيامه كانت الناحية فى يد أهل حضر موت؛ ويقول ابن خلدون (Kay، المصدر المذكور، ص ١٣٣) إن التخريب حدث سنة ٦١٩ هـ وقد أطلق على ظفار الجديدة اسم الأحمدية نسبة إلى مخربها.
أما رواية أبى الفداء، التى فطن نيبور إلى ما وقع فيها من خلط (انظر ما تقدم، Beschreibung Niebuhr ص ٢٣٦؛ وهومل Hommel, المصدر المذكور، ص ٣٠ وما بعدها، مع إشارات إلى الكتب المتقدمة فى الزمن، وقد فصل نيبور هذا الخلط تفصيلًا أكثر، دون أن يخلو هو نفسه من الأخطاء) فقد قيل إن المدينة الساحلية، علاوة على ما سبق ذكره، تقوم على رأس خليج ولها تجارة مع الهند، وتكتنفها بساتين (انظر ابن الفقيه، المكتبة الجغرافية العربية، جـ ٥، ص ١٠٩) ينمو فيها التانبول والكاكاو، ووصف ابن بطوطة مماثل لذلك (جـ ٢، (ص ١٩٦ وما بعدها)، فقد أقلع حوالى سنة ٧٣٠ هـ (١٣٢٩ - ١٣٣٠ م) من كلوة إلى ظفار بعد مضى أكثر من قرن على تدمير المدينة القديمة، وهو يقول إن المدينة كانت منعزلة تقوم فى واد فسيح الأرجاء (انظر ياقوت، جـ ٤، ص ٤٨١)، ولكنه يدلى بملاحظات جديرة بالذكر عن البساتين الغنية والنبات (التانبول والكاكاو)، والأشجار المغلة للتوابل التى فى جوارها ومالها من شأن اقتصادى، وكانت ظفار التى وصفها ابن بطوطة مركز، تجاريًا مهمًا أيضًا.
أما فيما يختص بالتاريخ القديم فيحق لنا أن نذكر هنا فرضًا عرضه كليزر، وهو أن ظفار هى القصبة الحبشية القديمة (انظر Skizze، ص ١٨١؛ Hommel Ethnologie، ص ٦٥٤)، ومن المحقق أنها مرت فى صدر القرون الوسطى، شأنها فى ذلك شأن جنوبى