شعبان سنة ٥٧٩) وأقام ابن أخيه تقى الدين عمر على مصر نائبًا للسلطان الأفضل صحيح أن الظاهر خضع فى ولاء لما حكم به أبوه، إلا أن خيبة أمله فى ذلك كانت فيما يرجح السبب فى توتر العلاقات من بعد بينه وبين العادل. على أنه حدث بعد ذلك بثلاث سنوات، أى فى سنة ٥٨٢ هـ (١١٨٦ م) أن عاد العادل فاقترح على صلاح الدين أن يقيم الظاهر على حلب مرة أخرى، وأن يعود هو إلى حكم مصر، فتم ذلك وأصبح العادل نائبًا للسلطان العزيز عثمان بن صلاح الدين وظل العادل يلى هذا المنصب خلال الحملات التى شنت ما بين سنتى ٥٨٣ و ٥٨٤ هـ (١١٨٧ - ١١٨٨) وفى الحملة الصليبية التالية، وكان له شأن فى غزو جنوبى فلسطين والكرك، وقد أنفذ سفنًا ورجالًا ومؤنًا لدعم محاولة صلاح الدين رفع الحصار عن عكا. وكان للعادل أيضًا شأن خطير فى القتال الذى دار بعد ذلك فى فلسطين، إذ اشترك فى المفاوضات التى دارت مع ريتشارد قلب الأسد وبلغ من متانة الصداقة التى أقامها معه أن اقترح أن يتزوج العادل أخت ريتشارد جوان وأن يشتركا معًا فى حكم فلسطين. وفى السنة التالية (٥٨٨ هـ = ١١٩٢ م) انتهت الاضطرابات التى نشأت من الحملات التى شنها تقى الدين من تلقاء نفسه على الجزيرة وديار بكر، بعودة العادل إلى حكم هذه الولايات مع احتفاظه فى الوقت نفسه بالكرك والبلقاء. ولعلنا نستشف من وراء هذه التغييرات فى المناصب سياسة موصولة الحلقات رسمها صلاح الدين. فقد كان العادل من دون إخوته جميعًا هو موضع ثقته الكبرى وعلى مشورته يعتمد فى كل الطوارئ. ومن ثم كان من الطبيعى أن يلى العادل أمر هذه الولاية التى كانت آنئذ، وفى خضم هذه الأحداث المتقلبة، لا غنى عنها قط فى دعم وحدة أهلاك صلاح الدين والاحتفاظ بقوتها.
وكانت أول مهمة واجهت العادل بعد وفاة صلاح الدين سنة ٥٨٩ هـ (١١٩٣ م) هى القضاء على المحاولة التى قام بها عز الدين أتابك الموصل لانتزاع الجزيرة من الأيوبيين. وقد