أثنائها محمد بن على فى عام ١٢٥ هـ/ ٧٤٣ م. ونجح ابنه إبراهيم فى الدعوة لما كان أبوه يطالب به، ورضى عنه الأتباع فى خراسان، ومن بينهم سليمان بن كثير -ومع إبراهيم بدأت مرحلة جديدة من النشاط. . فأرسل فى عام ١٢٨ هـ/ ٧٤٥ - ٧٤٦ م مولاه أبا مسلم كممثل شخصى له إلى خراسان. وإذا كانت المصادر تختلف حول أصل أبى مسلم، إلا أنها تتفق على أنه كان فارسيا، وممن أعتقهم إبراهيم. ونشير هنا إلى أن استخدام الكُنْيَة كان من الميزات أو الحقوق التى نادرا ما كان يتمتع بها غير العرب. . وإن إضفاءها على المبعوثين الفارسيين للعباسيين مثل أبى مسلم ومساعده "أبى الجهم"، ومنافسه أبى سلمة الخلال، له معناه ومغزاه. وإذا كانت بعض المصادر تقول إن أبا مسلم، قد منح عضوية البيت العباسى، فإن هذا يدل على ما كان شائعا بين الشيعة المتطرفين، بمنحهم مساعديهم من ذوى الحظوة حق الانتساب أو العضوية لبيت النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، وبالتالى للأمة العربية. وقد اتخذ هذا الأسلوب شكلًا معدلًا فيما بعد ذلك وأصبح جزءا من سياسة الخلفاء العباسيين.
وحقّقت مهمة أبى مسلم إلى خراسان نجاحا سريعا ومدويا. وقد كان اهتمامه الأول بالموالى الفُرْس، ولكنه أيضا وجد تأييدا مهما من العرب اليمنيين بل يقال إنه كسب إلى جانبه الكثيرين من "دهاقنة" زرادشت وبوذا، وقد كان بعضهم قد تحول إلى الإسلام لأول مرة. وتتباين الآراء حول طبيعة تعاليم أبى مسلم ولكنّ هناك مع ذلك أمرين واضحين وهما أنه كان أداة مخلصة للهاشمية، وأن تعاليمه كانت جزءا من الجناح المتطرف من الشيعة، ثم إن رفع الأعلام السوداء، التى أصبحت بعد ذلك شعار بنى العباس، كان فى هذه المرحلة ذا مغزى وهو الخلاص المنتظر، فقد كانت الأعلام السوداء من بين الإشارات والنذر التى ذكرت فى التكهنات الأخروية (التى تتعلق بالأخرويات مثل الثواب والعقاب والحساب) السائدة فى ذلك الوقت، وقد استخدمت كشعارات للثورة الدينية من جانب المتمردين الأوائل ضد الأمويين،