وهكذا كان استخدام أبى مسلم لها استلهامًا للأمل فى الخلاص وقد أثارت نشاطاته بعض المعارضة بين الشيعة العرب الأكثر اعتدالا، وعلى رأسهم سليمان بن كثير، ولكن الانسحاب التكتيكى من جانب أبى مسلم من خراسان، كان كافيا ليظهر أنه لن تكون هناك أية حركة مؤثرة وفعالة بدونه وبدون سياساته، الأمر الذى أدى إلى عودته كزعيم بلا منازع لهذه المهمة، وفى رمضان من عام ١٢٩ هـ/ مايو يونيه ٧٤٧ م، كان على استعداد ليفصح عن خططه ونياته، وكان المكان والزمان يبشران بنجاح المهمة وكان الشيعة المعتدلون، وكذلك الخوارج -وهما أهم حركتين للمعارضة ضد الأمويين الأولى فى انتفاضات عام ١٢٢ هـ/ ٧٤٠ م وعام ١٢٦ هـ/ ٧٤٤ م، والثانية فى التمرد الذى وقع عام ١٢٧ هـ/ ٧٤٥ م. وقد حققت هذه الانتفاضات هدفا مزدوجا إذ أضعفت من نظام الحكم الأموى، وأزالت -بسقوط هذا الحكم- كل من يحاول أن ينافس الهاشميين فى الخلافة. . وتركز اهتمام العباسيين على خراسان، بعد أن أنهكت العراق الحركات المناهضة للأمويين والتى كانت مركزا لها، وقد كان هذا الاختيار موفقا إذ كان السكان الفرس ذوو النشاطات الكثيرة والنزعات الحربية التى تصطبغ بالتراث الدينى والعسكرى، قد ضاقوا بمظالم الحكم الأموى، وكان الجيش العربى، والمستوطنون -وقد تأثروا إلى حد كبير بالتقاليد الفارسية بسبب طول إقامتهم- قد انقسموا على أنفسهم -بل إنهم- وفى غمرة الزحف الظافر لأبى مسلم. تحولوا بطاقاتهم وطاقات الحاكم الأموى "نصر بن سيّار" لمواجهة النزاعات فيما بين القبائل العربية وقد استطاع أبو مسلم أن يستولى على "مرو"، ثم انضم إليه القائد قحطبة وهو عربى من قبيلة "طى"، وتم الاستيلاء على كل خراسان من يد السلطة الأموية المتداعية، ومن خراسان تقدمت القوات العباسية إلى "الرى"، واستولت على نهاوند -وأصبح الطريق مفتوحا إلى العراق، وفى عام ١٣٢ هـ/ ٧٤٩ م عبر جيش العباسيين الفرات على بعد ثلاثين أو أربعين ميلا شمالى الكوفة، واشتبك مع جيش أموى بقيادة ابن